مثلما أنّ بعض الأسئلة تكشف لك عقل المتحدث، وإن كان معك على نفس الطاولة أو إن فكره في مكان آخر، فإنّ بعضها يحكي لك عن كمية الغباء الذي أنت بصدد الشرح له، في محاولة لتعليمه فن الذكاء، وهنا يكون “التسليك” أفضل ما يمكنك أن تفعله، فلا أصعب من شرح تفاصيل التفاصيل، لمندهشٍ لا تدري أهو يسمعك من أذنيه أم من فمه، فإنّ هناك علاقة طردية بين فغر الفاه أثناء الاستماع، ومستوى السذاجة والسطحية، كلما طال وكبر الأول، تأكد الثاني.
وهناك نوع من الأسئلة كبيت العنكبوت في تشعُّبه واتصاله، ما إن تطرح واحداً، إلاّ وتكون الإجابة بسؤال آخر، إلاّ أنه أمتع الأنواع، كونه مناورة ومراوغة، يحكمها سبب الممنوع، وتعليل المتعارف عليه، يُطرح فيه الشك بأمتع صوره، هناك حيث اللا مقدس.
منذ بداية الربيع العربي إلى وصولنا لسوريا ولديّ سؤال ربما يشاركني فيه البعض، كيف ولماذا استطاعت أمريكا أن تحسم أمر القائد صدام حسين - رحمه الله - في وقت قياسي! بينما عجزت عن بشار الأسد؟ وسؤال آخر أكثر براءة: إن كان صدام يمثل الخطر على الشرق الأوسط أو مصالح الغرب في الخليج، فلمَ لا يزال الخطر قائماً، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، رغم رحيل صدام؟ وهل هو الشر فعلاً؟ وهل كان يمثل تهديداً حقيقياً؟ وعلى من؟ أترك الإجابة مفتوحة.
وبمناسبة الحديث عن الأسئلة التي هي بمثابة رياضة، ذهنية، عاطفية، فكرية، تحرّر العقل من بطالة التلقين والحشو، وتجعله يمارس أجلّ مهنه، في البحث والتدقيق، وبعيداً عن أجواء السياسة الكئيبة، والغامضة في وسائلها، إلاّ أنّ هدفها واحد لن يتغيّر مهما تغيّر الزمن، لأنه يخضع لغريزة متأصّلة في الإنسان والحيوان كذلك، وتحقق لذّة السيادة والسيطرة، فعندما تتشابك المواقف وتحتار في فهم الصورة، كل ما عليك، أن تُعيدها لغرائز الإنسان البسيطة، حينها تفهم ما يحدث.
ومن طرافة الأسئلة أن يُتغنى ويُستشهد بضعف المرأة، وكيف أنه قوة متدثرة، تأسر الرجل وتأخذ بلبه، وإن سألت عن ماهية هذا الضعف، ستدهشك الإجابات المتباينة والمتضاربة، وما يهمني هنا، تسرُّب هذا المعتقد بعلّته لشخصية المرأة، أملاً في نيل الرجل، فما هو هذا الضعف عزيزتي الأنثى؟
دعينا أولاً نزيل ما اختلط به من مفاهيم، فالأدب ليس هو ذاك الضعف الغامض، والتبعية حد الاستعباد لا شأن لها بذاك السحر، فما أكثر الباكيات والنائحات من طغيان الذكور، دون أن يصدق تأثير الضعف المزعوم، ثم إنّ الإنسان الضعيف يؤدي إلى استغلاله من ذوي النفوس المريضة، بينما هو ممل وباعث على الشعور بالذنب لمن يملك نفساً نبيلة، فالشفقة أسوأ هدية تُقدم لمن ينتظر الحب، ولو كانت على طبق من ذهب، لذا آن لكِ أن تحدّدي شكل الضعف الذي يأتي بالرجل “على وجهه”، أو تلغيه وتعترفي بنفسك وتعيدي اعتبارك، فلا تكوني له أرضاً ليكون لكِ سماء، إنما كوني له نداً يكن معكِ عادلاً.
خارج النص: انتقادك أيها القارئ حقٌّ لك ويشرفني .. ولستَ بحاجة للاعتذار عنه.
amal.f33@hotmail.com