كلما منَّ الله سبحانه وتعالى عليّ بالصلاة في المسجد الحرام رأت عيناي من الخدمات التي تقدم في فنائه الداخلي وساحاته الخارجية ما يثلج الصدر ويبين عظمة ما يبذل في هذا الباب.. كنت واقفاً أمام باب الملك عبدالعزيز أستمع إلى حديث شجي من رجل كويتي له علاقة مباشرة بأوضاع أهل السنة في منطقة الأحواز؛ وقد ذكر لي تفاصيل مهمة عن الحالة الأحوازية الخطيرة، وبينما كان الرجل يتحدث قال لي مشيراً إلى ناحية من ساحة الحرم قريبة من الباب: أنظر، فنظرت إلى حيث أشار وإذا بي أرى رجلاً قد جثا على ركبتيه وأخذ يتقيأ بكثافة تدل على أنه مريض، ولم أكد أركز عيني على منظره حتى رأيت فريقاً مكوناً من أربعة أشخاص ييبدؤون غسل المكان بعد أن جاءت عربة صغيرة حملت ذلك الرجل ولم أصرف نظري إلى صاحبي الكويتي مرة أخرى حتى انتهى تنظيف المكان تماماً، قال لي: أرأيت هذا المنظر المشرّف وهذه الخدمة الجليلة؟.. قلت وأنا مبتهج بما رأيت: نعم؛ لقد كان الوقت الذي أمضوه قصيراً. قال فلقد رأيت في ساحة الطواف موقفاً أعجب من هذا، حيث كان الناس يتشابكون من الزحام فأحدث طفل صغير بين الركنين حدثاً وما راعني إلا فريق من خدمات الحرم يحضر مباشرة وكأنه كان يراقب عن كثب، فنظف المكان بسرعة فائقة.
بعد لحظة صمت قال: إني أهنئ أهل هذا البلد بما تفضل الله به عليهم من هذا العمل الجليل الذي ينفردون به، وبه يحق لهم أن يفاخروا الدنيا كلها.. وظل يتكلم عن مواقف متعددة شرح بحديثه عنها صدري وأخبرني بما رأت زوجته من حسن تعامل العاملات من النساء ومبادرتهن إلى تقديم الخدمة لمن يحتجن إليها ومن بينهن طالبات علم ومقرءات للقرآن الكريم حافظات له وأنهى حديثه بقوله: أسأل الله أن يحفظ هذا البلد من كل مكروه.
وبعد أن واصل حديثه عن الأحواز قال: إني أخاف علينا من التراخي عن نصرة إخواننا هناك فهم مظلومون حقاً والراضي بالظلم الصامت عن الظالم كالظالم جرماً والله سبحانه توعد الظالمين بالعذاب الشديد في الدنيا والآخرة.
ودعته وأنا أقول لنفسي: ما أسعدني بهذه الخدمة المتميزة التي تقدمها بلادنا لزوار بيت الله الحرام!! وما أشقاني بما سمعت من أخبار الأحواز.