من يتابع مسلسل سيدنا عمر رضي الله عنه يلحظ أننا نتابع تفاصيل ديننا الحنيف الذي بعث من أجله سيد البشر رسولنا العظيم، دين الحق والعدل والسلام والرأفة والرحمة، ولا يستطيع المرء إلا أن يقارن هذا مع سلوكيات البعض في هذا الزمن المتأخر، فقد اختلطت بعض العادات بالدين، وأصبح المظهر لا المخبر هو الذي يحدد مدى التزام الإنسان بإسلامه في كثير من الأحيان، وكان من أكثر المشاهد التي علقت بالأذهان هو مشهد سيدنا عمر وهو ينهر رجلاً كان يمشي حانيًا ظهره متذللاً من الزهد، وعندها نهره عمر مبينًا له أن المسلم يجب أن يمشي رافعًا مهمته معتزًا بنفسه، وهي رسالة واضحة مفادها أن الإسلام منهج حياة متكامل، ولا يقتصر على الانعزال وممارسة العبادات فقط، وهنا لا بد أن نتساءل عمّا سيكون عليه موقف سيدنا عمر لو كان بيننا اليوم من كثير مما يجري من أحداث.
لقد تفرَّق الناس شيعًا وأحزابًا، وصار كل فريق منهم ينتصر لحزبه على حساب الحق، ولا يفوت المتابع ذلك الصراع الرهيب الذي تدور رحاه منذ سنوات حول قضايا واضحة مثل الشمس، تتخذ الناس مواقفها منها عطفًا على موقف الحزب، لا رأي الشرع، ولعلكم تذكرون بهذا الخصوص حكاية الإساءات لسيد البشر عليه أفضل الصلوات والتسليم، فقد ضج الناس على إساءة شاب مراهق -وهم محقون في ذلك-.
هذا، ولكن ما أن ارتكب أشخاص آخرون ذات المخالفة، أو أشد منها، حتَّى صمت الحزبيون وكأن الأمر لا يعنيهم، بل إن بعضهم نذر نفسه لاختلاق الأعذار لمن أساء لسيد البشر!، وهذا لعمري يستحقُّ التوقف، فقد أصبح الولاء للحزب، وللجماعة مقدم على الولاء للدين الحنيف، وهذه قضية اسهب في الحديث عنها بعض العلماء المخلصين لدينهم، ولكن يبدو أنه لا حياة لمن تنادي، فالله المستعان.
إننا نستغرب أن يخرج على الملأ بعض ممن نحسن الظّن بهم وهم يبكون استدرارًا لعواطف الناس، وذلك كردة فعل على مخالفة شرعية، ولكن ذات الأشخاص لا تتحرك شعرة في رؤوسهم عندما تصدر ذات المخالفة ممن ينتمون معهم إلى ذات الحزب، وتتكرر الصورة هذه الأيام، فقد ملؤوا الإعلام الجديد ضجيجًا حول ما زعموا أنه مخالفة شرعية من أحد الكتاب، مع أن المتابع يعلم أن فجورهم بالخصومة لا علاقة له بما قيل، بل هي تصفية لحسابات حزبية مع من أعلن الوقوف ضد توجهاتهم، ونذر نفسه لفضح مخططاتهم، وأقسم بالله غير حانث أنه لو كتب أحد المنتمين لحزبهم ما قاله ذلك الكاتب لما نطق أحد منهم ببنت شفة، فهم حزبيون مؤدلجون يقدمون مصلحة الحزب على أي شيء آخر، فدعوهم في غيمهم يعمهون، فصراخهم على قدر ألمهم على أي حال.
فاصلة:
«أخوف ما أخاف عليكم: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه»... سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2