حياة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه هي مفاتيح لفهم التاريخ الإسلامي والتغيّرات التي طرأت على الجزيرة العربية وعلى جغرافيات: العراق وإيران وآسيا الوسطى، وبلاد الشام، ومصر والشمال الإفريقي، وتركيا وشمال غرب آسيا. حدثت ثلاثة انكسارات تمّت في عهد عمر بن الخطاب فارس والشام ومصر والإرهاصات الأولى للشمال الإفريقي... وهنا تأتي أهمية عمر بن الخطاب السياسية، حيث رسم خريطة العالم الإسلامي في زمن مبكر من تاريخنا. فلا يمكن كتابة سيرة الخليفة عمر بن الخطاب دون هذه المراحل: قيام الدولة داخل الجزيرة وقيام الدولة الإسلامية خارج الجزيرة، وفك طوق حضارتين هما فارس وبيزنطية والتهيئة لنشر الإسلام في إفريقيا... مثل هذه البطولات والانتصارات وبناء الدولة، تحتاج منا إلى نشرها وتثبيتها لدى الأجيال الحالية والقادمة، من خلال أعمال درامية طويلة تتجاوز الحلقات التي قدِّمت في رمضان الماضي، كأن يكون ملحمة من أجزاء تغطي سجل عمر التاريخي، وتوضح بناء الدولة الإسلامية الشاملة التي استلهمت حضارات عدة وإذابتها في بوتقة واحدة هي الحضارة الإسلامية، حضارة جزيرة العرب والعراق وفارس والروم وإفريقيا. وهذا يتطلّب عملاً ضخماً تتبنّاه دول ومحطات لتغطية بناء الدولة الإسلامية في الجزيرة العربية وخارجها...
الأمر الآخر تقع على وزارات الثقافة والإعلام في الوطن العربي والعالم الإسلامي، إيضاح الدور الكبير الذي قدمه عمر بن الخطاب للعالم الإسلامي، حيث كان له الفضل بعد الله في نشر الإسلام في آسيا الوسطى: إيران، وباكستان، وأفغانستان، وتركستان، وأوزبكستان، وكازاخستان وكيرغيزستان، وطاجاكستان. وفي نشر الإسلام في شمال غرب آسيا: العراق وبلاد الشام وتركيا والقوقاز والأناضول والإمارات الجنوبية التابعة لإمبراطورية الرومانية الشرقية (بيزنطة)، الواقعة على البحر الأبيض المتوسط (بحر الروم) وأطراف البحر الأسود الشرقية أذربيجان وأرمينيا، حيث ترتب على ذلك انحسار الدولة الرومانية، وجعل المجال مفتوحاً أمام الجيوش الإسلامية في فتح تلك البلاد ونشر الإسلام حتى توّجت في سقوط القسطنطينية (اسطنبول) في تركيا زمن الخلفية العثماني محمد الفاتح في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي (1435م).