تتكرر كلمات (عيدكم مبارك) و(عيد الفطر المبارك) فقد ارتبط عيد الفطر بالبركة والمباركة والدعاء له بأن يكون مباركاً، كما أنه يطلق على طيبة المدينة المباركة، حيث إن كلمة المباركة من أسمائها فقد دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبركة على المدينة وفي مجالات متعددة، وللعيد عبقٌ تاريخي مميز بها ويتم الاستبشار بالعيد والإعداد له بما يناسبه ولاسيما إعلان الفرحة والاحتفال به، كيف لا وهو نموذج للمحبة والمودة والإيثار، وترابط القلوب، وتبرز مظاهر العيد مبكراً قبل نهاية الشهر الكريم حيث تهيئة المنازل والشوارع، كما أن كل أسرة تهيئ لأفرادها الملابس الجديدة وما يظهر استبشار بهذا العيد اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث كان الجميع يعبر عن فرحته بالعيد.
وقد أباح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللهو واللعب في العيد، وفي غيره، حيث ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الهوا والعبوا فإني أكره أن أرى في دينكم غلظة». وورد أنه - صلى الله عليه وسلم - قال « روِّحوا القلوب ساعة وساعة « وورد في صحيح مسلم وغيره من قوله - صلى الله عليه وسلم - «يا حنظلة ساعة وساعة «.
وقال عليّ - رضي الله عنه - « أجمّوا هذه القلوب، فإنـها تملّ كما تملّ الأبدان، فها هي جاريتان تغنيان بفرحة العيد في بيت الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وغير بعيد من الحجرات: الأحباش يلعبون بالرماح إظهاراً لفرحة عيدهم وعائشة - رضي الله عنه - تنظر إليهم من خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي موضع آخر قريبٍ من الحجرة النبوية هناك احتفالية بهيجة بالعيد تولى شأنها عدد من الأطفال في أناشيد رائقة وبديعة في مدح النبي - عليه الصلاة والسلام - أما الآن فتشعر في أيام العيد وأنت بها ببهجة العيد، ونشوة السعادة، تشعر بأن الحب في قلبك أكبر من مجموع الحب في القلوب جميعاً، كما تشعر بأن الجميع يشاركك في هذا الحب، لأنك في بلدة أعطت للعيد بعداً، لأنك في مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة الحبيبة والمحببة وجميع مشتقات الحب من أسمائها.. أليست مدينة الحبيب - صلى الله عليه وسلم -.
والله لو شُقَّ قلبي في الهوى قطعـاً
وأبصر اللحظُ رسماً في سويداهُ
لكنتَ أنتَ الذي في لوحه كُتِبَتْ
ذكراه أو رسمتْ بالحبِّ سيماهُ
وفرحة العيد تعمّ الجميع كباراً وصغاراً فهو ظاهرة إنسانية تغرس الحبّ ويشعر الجميع بأنهم أسرة واحدة تعلو وجوههم الفرحة وتغمر نفوسهم الغبطة، كما يقوم رب كل أسرة بتقديم هدايا رمزية لأبنائه وأحفاده كل حسب مستواه وإمكاناته، فمن نصف الليل وأنت ترى الناس يتوجهون إلى المسجد النبوي الشريف مرافقين معهم الأولاد لابسين أنواعاً وألواناً مختلفاً من اللباس لأداء صلاة عيد الفطر وأنت تراهم كأنهم لؤلؤ منثور، ترى الفرحة في وجوههم جليةً واضحةً وبعد الصلاة يتوجهون ليسلم الأقارب ويتبادل التهاني والمعايدة وعصراً يذهبون إلى رؤية الاحتفالات التي أقيمت بمناسبة العيد، ونظراً لوفرة النقود مع الأطفال من (العيديات) التي أعطيت لهم من الأقارب والأهل والأصدقاء فتجد زيادة الحركة في الألعاب والدكاكين المتنقلة فإنهم يلعبون ويشترون أنواعاً من الأطعمة التي تباع خاصةً في موسم العيد، وتجمعات العيد لها نظام، حيث مهرجان العيد وكان قبل عدة عقود يقام بباب الكومة، حيث توجد المراجيح باختلاف أنواعها وتصلح لمختلف الأعمار بدءاً بالمراجيح الكبيرة وانتهاء « بهزي مركب». إضافة إلى:
- العربات المزركشة التي تجرها الأحصنة والبغال والحمير وهذه العربات يركبها الأطفال إلى مسافات ليست بعيدة وهي عربات جميلة مزركشة بمختلف الألوان، ويزيد الموقف جمالاً الأناشيد التي يرددها الأطفال.
- أما الحمير في العيد فلها قصص مختلفة، وهذا الاختلاف يأتي في السعر « أي ما يدفع في المشوار الواحد « وذلك حسب المسافة، وحسب (زركشة) الحمار، وحسب أصل الحمار - إن كانت للحمير أصول - حيث هناك الحمار (...) والحمار (...)..إلخ ولم يذكر الكاتب أنواعها لارتباط ذلك باسم بعض القبائل وبعض المحافظات، ونادراً ما تكون حمارة (أنثى الحمار) في مهرجان العيد، وذلك لأنها تشغل صاحبها في الدفاع عنها، من ( معاكسات الحمير طبعاً) وكم أسقط الحمار راكبه في مهرجان العيد بسبب حركات تلك المعاكسات.
وعلى هامش مهرجان العيد هناك ألعاب شعبية يمارس بعضها وإن لم تكن له علاقة بالعيد ومنها:
- المزمار: وهي لعبة رجولية خطرة لها قوانين وقواعد وتتم ممارستها في العيد وبعض المناسبات الأخرى كالزواج، وتستخدم العصا والرقص على قرع الطبول حول النار وقد يتسبب الخطأ في هذه اللعبة إلى مشاجرات وإسالة الدماء ولا سيما بين « المشاكلة أو الفتوة».
- هناك مجموعة من الألعاب : وتكون إما على شكل مجموعات أو شخصين أو (طفلين) أو أكثر عند ممارستها ومنها : ( وبعضها لاعلاقة له بالعيد وإنما ذكرت للتاريخ فقط).
- الكُبوش، الحجاج، طبطب، الدَّحل (البرجوة) المزويقة (المرصاع) الكبت، طيري (الغميمة) عُصفر، اصطففت، الطاقية، (طاق.. طاق.. طاقية) البِربِر، أم الخمسة، التزقير، شيخ الأرض (وله اسم آخر) الطاب، الضاع، عظم وضاح (عظيم ضاح) ..إلخ .
ومهرجان العيد وما يقدم فيه وإن كان أساساً للأطفال إلا أنه يجمع الناس على الحب والتآلف والتواصل والتراحم والتزاور والتقاء القلوب. وعيدكم مبارك...