يفرح الأطفال بالعيديات فرحاً لا يوازيه فرح، حتى ولو كانت لا تتعدى بضعة ريالات. العلاقة بين الطفل والقطعة النقدية سابقاً، والورقة النقدية حالياً، في أول أيام عيد الفطر، علاقة عجيبة لا تفسير لها. فلو أعطينا الطفل، في الأيام العادية، مبلغاً أكبر بكثير من المبلغ الذي نعطيه إياه في العيد، فإنه لن يفرح به، كفرحه بالمبلغ البسيط يوم العيد. ربما التفسير الوحيد، هو أن لصباح يوم العيد الأول كيمياء تختص به، كيمياء إلهية، تجعل المشاعر الطفولية فيه، متوهجة إلى أقصى حد. مشاعر مقترنة بالرضا والقناعة والامتنان.

وفي حالة الفرح والتواصل والتواد، ننسى أن ثمة أطفالاً آخرين، خارج هذا الفرح. أطفال ليس هناك من يمد لهم ورقة نقدية، لكي يتقافزوا فرحاً بها. هناك الأطفال الأيتام، أطفال دور الرعاية الإيوائية، أطفال السجناء، أطفال الأحياء المغرقة في الفقر. هؤلاء من سيتواصل معهم، إن لم نتواصل معهم؟! هؤلاء يحتاجون إلينا أكثر مما يحتاج إلينا غيرهم. هؤلاء، إن لم نتواصل معهم، فلن يتواصل معهم أحد، وستكون الغصة في قلوبهم كبيرة، لا تزول. تماماً كالجرح الغائر، الذي وإن اندمل، فإن أثره سيبقى إلى الأبد!