بدعوته لإنشاء مركز حوار المذاهب الإسلامية، يؤكد خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز زعامته للأمة الإسلامية، والتي استحقها انطلاقاً من حرصه الدائم - حفظه الله - على مصالح الأمة واهتمامها بشؤونها ! وفي كل مؤتمر يثبت أن الزعامة ليست بالشعارات،
كما كان يعتقد بعض الرؤساء العرب فرحلوا ولم يخلفوا إلاّ الخلافات التي زرعوها بين الدول العربية، أو المشكلات التي استوطنت بلدانهم، لكن زعامة خادم الحرمين استحقها بجدارة من حرصه على العمل الصادق والمخلص لصالح الأمة الإسلامية.
ولعل دعوته - حفظه الله - إلى إنشاء مجمع للحوار بين المذاهب، تأتي تكريساً لاهتمام أصيل وصادق وقديم يتجدد في كثير من المناسبات، ليؤكد عدم رضاه عن حال الأمة، ولا عن تلك الخلافات التي تمنع التقارب بين مذاهبها، والتي تصل أحياناً إلى التناحر والتصنيفات التي ما أنزل الله بها من سلطان مخلّفة التشرذم والكره بين المسلمين، فهذا المركز نابع من حرص خادم الحرمين الشريفين على تقريب وجهات النظر بين المسلمين بمختلف مذاهبهم، وتذليل العقبات التي تواجههم، وتوحيد صفوفهم من أجل عالم إسلامي خال من العنف والكراهية والبغضاء والفتن، فالعالم الإسلامي يحتاج إلى التكاتف والتعاون أكثر من أي وقت مضى، نظراً لما يعيشه من نزاعات وفتن بسبب البُعد عن الحوار والالتقاء على كلمة سواء. ومن منطلق أنّ المؤمنين إخوة، وجّه خادم الحرمين دعوته للحوار، فهي ليست دعوة على الورق بل إنه حوّلها - حفظه الله - إلى مشروع عملي لم يحله إلى جهات أخرى قد يطول تنفيذه، بل إنه حدد حتى مكان مركز الحوار لتحتضنه العاصمة الرياض، وكان قبل أيام فقط قد دعا المواطنين بنبذ العصبيات والتصنيفات المذهبية والفكرية والمناطقية، وعن استخدام لغة التصنيف والإقصاء، التي لا تليق بمجتمع نشأ على تعاليم وقيم الإسلام السمحة، لأنها كما قال لا تأتي بخير.
ولعل الحوار المنتظر بين المذاهب سيكون له أثر إيجابي ليقطع الطريق على من يريدون إشعال الفتن، بقي أن أقول إنّ تطبيق هذا التوجيه الكريم، يقع على علماء الأمة بكافة مذاهبهم وخاصة السنّة والشيعة، فجلوسهم إلى طاولة الحوار يعني أنهم راغبون في أن يعصموا أعراض ودماء المسلمين، لأن فشلهم سيسهم في استمرار تشتت المسلمين وضعفهم وذهاب ريحهم، فهل يكون علماء المسلمين وآياتهم ومفكروهم على قدر المسؤولية ؟!
ومن نافلة القول التأكيد على أنّ كل من يتهرّب من هذا الحوار أو يرفضه ويضع العراقيل أمامه يعني أنه لا يهتم بأمر المسلمين، فهو إذاً ليس منهم ! والحوار لن يكون سهلاً أبداً، لكن النوايا الصادقة ستسهم في تحقيقه لأهدافه، فهو ضرورة دينية ودنيوية تحتمها توجيهات القرآن الكريم ومخاطر الواقع الذي نعيشه في عدد من الدول الإسلامية.
alhoshanei@hotmail.com