قمت بزيارة لمدارس أسترالية وذلك عندما كنت أستاذا زائرا في جامعة ملبورن باستراليا، توجهت في البداية إلى مدرسة ثانوية كبيرة، وأنا أدلف مع مرافقي إلى تلك المدرسة أذهلني الهدوء والنظافة العامة للمدرسة، لاحظت أثناء تجوالي في المدرسة
ان الموظفين منهمكون في أعمالهم ولا تكاد تسمع لهم صوتا، وفي أحد ممرات المدرسة قابلنا شخصا ألقى علينا التحية وقدم لنا نفسه على أنه مدير المدرسة، لم يكن يقف خلف ذلك الرجل موظفون أو مراجعون أو طلابا. اصطحبنا المدير مباشرة إلى مكتبه، وهناك استخرج أكوابا وقدم لنا بعض القهوة،
لم يكن مكتبه ذا واجهة زجاجية يطل من خلالها على مدخل المدرسة ليراقب الداخل والخارج، طوال حديثي مع المدير لم يرن هاتفه أو جواله، ولم يقاطع حديثنا دخول معلم أو موظف على الرغم من عدم وجود حاجب، كان يبدو لي أنه أقل منسوبي المدرسة عملا، تبين لي من الحوار معه أن يملك صلاحيات واسعة، فهو يقوم وبالتعاون مع فريقه بتطوير أداء معلميه وتقويمهم، بل هو لا يسمح لأحد من خارج مدرسته بالتدخل في عمله هذا، كان هو وفريقه من يختار معلمي مدرسته، وهو من ينهي عقودهم، وهو من يختار المناهج لمدرسته، ويقرر
الحوافز المادية، ويصدر كل القرارات المالية والإدارية المنظمة للعمل، كان يبدو لي وكأنه وزيرا للتربية وليس مديرا لمدرسة، لدينا في بلادنا اليوم 25 ألف مدرسة، نأمل أن تقترب كل منها إلى أن تكون وزارة تربية.
أستاذ المناهج بجامعة الملك سعود