سفير أوروبي سابق لدى الولايات المتحدة الأمريكية يُحذر نظام الأسد، وكلّ مؤيديه في العالم، من أنظمة ومنظمات إرهابية تعمل تحت الأرض، بالتنسيق الكامل مع ملالي طهران، من أن العالم تحوّل، منذ سقوط جدار برلين وانتحار الاتحاد السوفياتي، إلى مسرح في الهواء الطلق، يستطيع أن يُشاهده كل من يشاء، ساعة يشاء.
كان السفير الأوروبي يُعلـّق على “انكشاف” خلية التجسس الإيرانية في اليمن، مُلاحظا أنه من الطبيعي أن “ينكشف”، أيضا، وجود عملاء من الطائفة العلوية، ذوي الجنسية السورية، أعضاء في هذه الخلية التجسسية، التي عدّها السفير الأوروبي السابق لدى واشنطن، واحدة من عشرات مزروعة في شبه الجزيرة العربية ودول الخليج العربي، هدفها الانتقام من الدول التي تـُغذي الثورة السورية، بتخطيط وإشراف الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.
ورأى السفير الأوروبي السابق لدى واشنطن أن الولايات المتحدة، منذ نهاية عهد بوش الابن، تراخت استخباراتيا إلى حدّ كبير في متابعة ما يجري في دول الجزيرة العربية والخليج العربي، لاعتمادها الكلّي على مصدرين، لا زالت ترى أنهما كافيان لوقوفها على شؤون تلك الدول. المصدر الأول هو أجهزة الأمن الإسرائيلية، والثاني أجهزة الأمن السورية. وهذان المصدران لم يتوقفا يوما عن تضليل واشنطن، وحَرْف سياستها الخارجية عن المصالح العليا للشعب الأمريكي، لأسباب كثيرة ومُعقّدة، يطول شرحها، ما أدى إلى أن تضيق صدور كثير من أصدقاء أمريكا من السياسة الأمريكية في المنطقة العربية، ولا سيما في دول الخليج وشبه الجزيرة العربية. بل إن بعض أصدقاء أمريكا يتهمونها، علنا، بأن لا سياسة لها، وهم يتابعون الإرباك والتذبذب والتناقض والازدواجية المفرطة في هذه السياسة.
ينصح هذا السفير إدارة أوباما، وهو على شفير (هذه كلمته حرفيا) انتخابه لولاية ثانية، أن تفهم إدارته المقبلة “النظام الكوني” -يقصد السنن الكونية في الحياة- لتُقيم الانسجام مع الذات الأمريكية الحقيقية، ومن ثم المبادرة إلى إقامة حوار استفهامي حول مسائل وجودية عديدة، تعيشها المنطقة، كي لا تبقى الولايات المتحدة سوقا مجانية يغلب عليه الحذر من التاريخ.
يؤكد السفير الأوروبي السابق أن واشنطن لن تتدخل عسكريا في سورية، لكن عليها أن تـُقرر، صراحة، ماذا عليها أن تفعل في سورية، ومن أجل الاستقرار في المنطقة.
حتى الآن -يُتابع السفير- ركزت السياسة الأمريكية (!؟)، بتصريحات آنية وعابرة، على أمرين: الأسد يجب أن يرحل، والقتل والعنف يجب أن يتوقفا. ولكن كيف؟. لا تقول أمريكا شيئا عن كيف هذه.
يُطالب السفير الأوروبي السابق الإدارة الأمريكية أن تُسارع فورا للعمل من أجل منع الأزمة الإنسانية المتفاقمة في سورية من التمدّد إلى دول مجاورة، ومساعدة تركيا والأردن في إيواء اللاجئين السوريين، وبالتالي دعم لبنان والعراق لكبح جماح الصراع المذهبي، الذي يُمكن أن يتصاعد إلى حدّ فتح أبواب الجحيم على مصراعيها في المنطقة.
يلفتُ السفير الأوروبي السابق لدى واشنطن، الذي يزور فيينا حاليا، إلى أن افتقار الإدارة الأمريكية إلى خطة عمل واضحة، منذ انطلاق الثورة السورية، وجهلها التام لتركيبة المعارضة المسلحة هناك، سينعكسان عليها سلبا مع تطور الأوضاع. وسخرَ من تحميل الإدارة الأمريكية السي آي إي، لا المعلومات والتقارير المُضللة، التي تضخـّها أجهزة الأمن الإسرائيلية والسورية، المسؤولية عن جهل تركيبة المعارضة السورية المسلحة ومعرفة نواياها.
و بدا السفير الأوروبي السابق مستاءً، أشدّ الاستياء، من شعار ترفعه الإدارة الأمريكية منذ الفيتو الروسي الثاني، في وجه كل الدول الغربية والعربية: دعوا الروس يشنقون أنفسهم بحبال الأسد، ويتحملون مسؤولية تقسيم سورية.
ما الذي ستفعله واشنطن، إذا ما تم تقسيم سورية إلى دويلات عرقية ومذهبية وطائفية؟. يتساءل السفير الأوروبي السابق، وهو يقول: لقد تبددت كل التوقعات القائلة إن قوات الأسد قادرة على قمع الثورة السورية وإخضاعها. وحتى روسيا، أهم حليف لنظام الأسد، استسلمت لحقيقة سقوطه، مُستندا إلى تصريح أدلى به أخيرا أندريه كليموف، نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الروسي: “لا أعتقد أن هناك أحدا، ولا حتى الأسد نفسه، لا يزال يعتقد أنه قادر على السيطرة على سورية في السنوات المقبلة”.
مع ذلك، السفير الأوروبي السابق لدى واشنطن مُتفائل بخاتمة ما يجري في سورية، وفي المنطقة برمتها، وهو يُحيلكَ إلى مقولة لنابليون بونابرت: “في العالم قوتان فقط: السيف والعقل. وعلى المدى البعيد ينهزم السيف أمام العقل”.
Zuhdi.alfateh@gmail.comفيينا