تنظر إلى ساعتها الألماس الفاخرة الملتفة على معصمها الناعم الناصع البياض والتي تشير إلى الرابعة صباحاً.. تجلس حصة الفايت على إحدى الطاولات في القاعة الرئيسية للاحتفالات في فندق (الفورسيزون)، نظرة واحدة إلى الخادمة التي تصاحبها والواقفة قريباً منها كانت كفيلة بأن تعطيها الإشارة إلى أن موعد المغادرة من هذا الحفل قد حان. تسارع الخادمة بأخذ حقيبة الشيخة حصة الجلدية الفاخرة وتمد لها عباءتها المزركشة بأجمل النقوش الناعمة الذهبية استعداداً للمغادرة.
ترتدي الشيخة حصة الفايت فستاناً فاخراً مترفاً، زاده اللون البرونزي فخامة وأضفى عليها غروراً مبالغاً، يخالط ذلك اللون قطعاً فضية كست أجزاء منه وسترت باستحياء بعضاً من جسد الشيخة حصة الأبيض الرشيق المغدق بالجمال، ليظهر مفاتنها بأجمل ما يمكن أن تظهر به امرأة اعتلت عرش جمال الكون، حتى صارت الشيخة حصة بحليها الألماسية هي نجمة الحفل دون أدنى شك ولافتة لنظر كل من كانت موجودة من السيدات.
لم يكن حفل زواج سارة الضاوي صديقة الشيخة حصة الفايت كأي حفلة، ولم تكن الإعدادات والتجهيزات وفخامة الضيافة وروعة الفنانة التي أحيت الحفل سبباً لروعته، ولكن جاءت روعته من عدد الحضور الهائل الذين جاءوا محبة لسارة.
تمتلك الشيخة حصة الفايت ثروة هائلة جعلتها من أغنى سيدات الأعمال، وتمتلك من مقومات الجمال ما يجعلها تزين المجوهرات التي تلبسها والفساتين التي ترتدي، وهدفاً لأي بنان يشير في أي مكان كانت فيه، فجمعت بين المال والجمال والحسب والنسب.
تلبس الشيخة حصة عباءتها بمساعدة خادمتها الخاصة لتقف أمام أم العروس تستأذنها بالانصراف، وبإحساس الواثقة بجمالها تشعر بنظرات الحضور جميعها والتي تعودت عليها دائماً في أي محفل تكون متواجدة فيه، وهم يهمشون صوت الفنانة وكأن شيئاً ألجم صوتها، وأخفت صوت الموسيقى الصاخب والذي تلاشى بقوة جمال الشيخة حصة وما على جسدها من مجوهرات وفستان فاخر وحقيبة ثمينة.
تركب الشيخة حصة سيارتها (الماي باخ) المترفة لتتحرك بها من أمام بوابة القاعة الكبرى لفندق (الفور سيزون)، يقودها سائقها الإفريقي الخاص والذي يرتدي الزي العربي وكأنه أحد الأعراب الأشداء يحمي الشيخة حصة وهي تجلس في مقعدها الخلفي، وهو يقطع شوارع الرياض متجهاً نحو القصر.
كانت حصة في عالم آخر على غير عادتها عندما تخرج من حفلة صاخبة كهذه.. تلاطمت بها أمواج الأفكار، وهي تقارن نفسها بصديقتها سارة الضاوي في مقارنة قاسية والتي تحظى بجاه آخر لم تستطع هي بأموالها وثرواتها أن تحققه.
كيف لتلك الفتاة الصغيرة متوسطة الجمال التي تعيش حياة بسيطة عادية تعيشها معظم فتيات جيلها، لا تمتلك جمالاً ولا مالاً أن تتزوج من ابن أشهر رجال الأعمال المعروفين ذي المستقبل الواعد والمكانة المرموقة؟
لماذا تحظى سارة بزوج لم تستطع هي بأموالها وثرواتها أن تحظى بمثله؟
كيف تظل وهي ذات المال والجمال على مشارف الثلاثين، ولا تزال تنتظر نصيبها حتى وإن كان أقل من زوج سارة؟
مضت تتأمل وهي لا تدري أحقاً تتمنى لصديقتها سارة التوفيق والحياة الزوجية السعيدة؟
تدلف سيارة (الماي باخ) من بوابة القصر الكبير بعد أن فتحها الحارس بمجرد اقتراب سيارة الشيخة حصة، لتهوي داخل قصرها، ولتحيط نفسها بحواجز وحدتها العاجية.. بعيداً عن قلوب الناس.