مع نسائمِ روحانيةِ آخر جمعة مباركة من شهر الخير.. يتبارك لكم جميعاً الدعاءُ والخير بإذن الله.. ساعات وتتحدُ المسافات ونعانقُ لحظاتِ الانتظار بعيونٍ تبتسمُ بولهِ الترقب لضوءٍ خافتٍ عاطر ينبثق من رحمِ هلالِ شهرٍ جديد.. يتسلل عبر شرايينِ قلوبٍ مؤمنة سَمتْ بأرواحها على أهداب السحر وتوجهت في شهرٍ هو خيرٌ من ألف شهر بمضاعفة الدعاء والمناجاة والعبادة والتقرب إلى الله.. فهنيئاً لقلوبٍ تعطشت لعشقٍ إلهي فلاذت هرباً لربٍ كريم في شهرٍ كريم طمعاً في رضى أكبر من رحمن رحيم.. وطوبى لعبدٍ لم تشغلْه دنياه عن آخرته
انكسر خاضعاً متمتماً {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}.
ورويداً رويداً تميل الشمس نحو الغروب.. وتغادر سويعات أصيل آخر يوم مبارك من أيام تاج الشهور.. ويعلن الظلام بدايته بتعانق كواكب السماء.. عندها تختلف تعابير المساء في العمق والحدود.
وفي ليلةٍ مكحلةٍ بالطهر.. تهمس حروفُ سكون الليل الممزوجة بنكهة الشوق لإشراقة يومٍ جديد.. بشراكم.. فأغاريدُ العيد ستحملنا على أجنحة نسائمه لنحلق في فضاءات ذواتنا فلا ترانا سوى مشاعرنا التي تنبض حباً وشوقاً لكل الأحبة المتكئين في مرابع القلوب.
وبانسيابية فرحٍ يدغدغ أرواحنا.. ننتظر بشغف تَنَفُّسَ الصبح.. وصحوة الفجر الغافي على وسائد أماسي العيد.. لترف أجنحة السعادة محلقة في فضاءات النفس مستنشقة عبيرَ نسائم الكون من اقحوان الشوق... فيرقص النبضُ في مدائنِ القلب على عزف أوتار الأنس لحظة تعانق بياض الفجر مع سنا الشمس معلناً ميلادَ يوم العيد.. فما أروع لحظات انفراج الأهداب على إيقاع التهليل والتكبير وصدى دعاء العابدين.
العيدُ شلالُ فرح يتدفق في قلوب المسلمين.. العيد تسامحٌ يسكن أفئدة ولقاءٌ يمحو جفاء وودٌ بعد عتاب.. العيد لهفة وصل ولقاءُ مشاعر وتراحم بين القلوب والقلوب.. العيد فرحة طفلٍ بثوب جديد.. وكوم من سكاكر ملونة.. وجيب ممتلئ بالنقود.. مطاعم وملاهي وألعاب ينتهي بكرنفالٍ ليلي يضيئه سحرُ نارية الألعاب.. العيد زحمة مكان وازدحام مشاعر تتهادى لتلامس شغاف القلوب فتهفو للقاء الأهل والصحاب وكل الأحباب.. وحلاوة اللسان عبارات التهاني (من العايدين...كل عام وأنتم بخير).
ما أجمل العيد وفرحة العيد.. وما أعظم مضامينه التي تفيض بكل معاني القيم النبيلة السامية... ولكن رغم كل القلوب الحبلى بمشاعر الأنس والفرح تظل هناك قلوبٌ دهاليزها حبلى بمشاعر الأسى وفوضى الألم ودمع المُقل.. قلوبٌ تتنفس حزناً يخالطه موجٌ من حنين لأحبة غابت أنفاسُهم عن أعيادنا.. فكيف لنا ألا نَحِنُّ لمن هم تحت الثرى أقاموا؟ فنخلص من قلوبنا في الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة وأن يجعل قبورهم رياضاً من رياض الجنة؟ هناك أحبة حبسهم مرضٌ فوق أسرة بيضاء فلم يسعدوا معنا ويشاركونا بهجة العيد فندعو الله أن يَمُنَّ عليهم بالشفاء ويلبسهم ثوب الصحة والعافية.. هناك يتيمٌ فقد عاطفة الأبوة أو حنان الأمومة في ساعات العيد الباسمة.. فاحتاج لمسحة حنوٍّ على رأسه ترسم ابتسامة على شفاهه الحزينة.. وهناك فلذة كبد فارق أقرانه وصحبه وخلَّف وراءه دمعة على خد أم وحسرة في قلب أب.. هناك فقير لم تبتسم له الحياة في يومٍ من الأيام فجثى مستسلماً بإغماءة مفتوحة أمام هرم الهموم يلعق المرارة وقسوة الحاجة التي لا يعلمها إلا الله.. هناك.. وهناك كَمٌ وكَمٌ وكم... من قلوبٍ تتأوه من قسوة الحياة لكن صخب ضحكاتهم كانت ستراً لنحيب مواجعهم فبكوا بصمت.. وما أكثر الكم..!!! وكلُ كمٍ تحتاجُ إلى لفتةٍ كريمة من قلوبٍ كريمة لقلوبٍ تستحق وتسأل.. أيجودُ بغير الكرمِ كريم؟!!.
إنه العيد ببهجته وفرحته يتلون بكل الألوان.. نستعد وننتظر.. نبتسم ونتحسر.. نعاتب ونسامح.. نجتمع ونفترق.. لكن تظل مصافحة صباحات الفرح في يوم العيد هي الأروع.. وتبقى عيون الشوق ترقب لتنثر التهاني وتبارك بأحلى العبارات هي الأبهى.. من العايدين الفايزين.. وكل عام وأنتم بخير.
zakia-hj1@hotmail.com