كثيرة هي الملفات التي في حياتنا قد نعطيها اهتماماً وقد نهملها، لكن بعدما تصبح أوراقها صفراء باهتة لا تشكل أهمية في مجرى أمورنا اليومية! هذه الملفات تختلف قوة تأثيرها في حياة كل فرد لما تحتويه من مواقف إيجابية أو سلبية. فهناك الملف الخاص بمرحلة الطفولة والذي يحدد من خلاله مستوى الشخصية في المراحل العمرية اللاحقة من حيث الثبات والاستقرار النفسي والتعامل مع الأحداث المختلفة باندفاع أو ثبات! أو التعامل مع متغيرات الحياة بتقبل أو رفض! الخ من ردود الفعل سواء في مرحلة المراهقة أو ما بعدها! فهذا الملف أخطر ملف تمر به حياتنا ويعد الركيزة الأساسية التي من خلالها يتحدد كيف سيكون موقع هذا الشخص على خريطة الشخصيات المختلفة من حوله! فالدراسات النفسية أثبتت أن سلوك الفرد وتصرفاته مع الآخرين تعود أساساً إلى تنشئته الاجتماعية في طفولته. فالتربية المتسلطة مثلاً لن تخلق شخصية ودودة ومحبوبة عند الكبر! والتربية المتسامحة جداً لن تخلق شخصية متماسكة وثابتة عند الصدمات والمواقف الفاشلة عبر مراحل عمرية مختلفة! والتربية التي يتخللها الإهمال العاطفي والاستغلال الجنسي لن تخلق شخصية سويّة ومسالمة مع الآخرين أو مستقرة حتى بعد الزواج! فالعالميّن في مجال علم النفس سوليفان وأريكسون يؤكدان “أن المراهق السويّ هو الطفل الذي مر خلال طفولته بنمو سويّ”! والعالم بياجيه الأب الروحي “لعلم نفس الطفل” يؤكد بأن الطفل لا يولد كقطعة من العجين يشكلها المحيط من حوله كيفما يشاء، بل يكون مزوداً ببعض الأفعال الفطرية التي تمكنه من تلبية حاجاته الأولية” وبناء عليه يتكون بناءه النفسي! هذا الملف الحساسّ يهمله كثير من الآباء والأمهات ويتركونه مفتوحاً من دون تنظيم أو ترتيب لاحتياجاته مما يترتب على هذه العشوائية والفوضى في عدم ترتيب أوراقه بالتسلسل المنظم والمطلوب لاحتواء مشكلات عديدة قد تحدث في زمن هذا الملف وقد تتطور في الأزمنة اللاحقة لملفات أخرى!ّ مما ينتج عن ذلك شخصيات عدوانية وظالمة وناقمة ومضطهدة لا تسعى لتعديل وضعها النفسي بقدر ما تستمتع بإيذاء الآخرين حتى لو إيذاءً نفسياً أو عاطفياً! حيث يكون الصفح عن الأخطاء ملغياً من حياتها! والتسامح مع الآخرين آخر اهتماماتها! والتمتع بإذلال المقربين منها أسلوبها اليومي الذي تفتخر به مع ذاتها! هذه الشخصيات غير المتسامحة، غير المتعاطفة، غير المطمئنة من الداخل، غير المستقرة من القب، هل هي ضحية ملفها الطفولي فقط، أم هناك ما هو أعظم من طفولتها غير المستقرة عانت منه ولم تجد حينها من يساندها أو يقف بجانبها؟ وملف العنف الأسري الذي بين يديّ من سنوات هو أخطر ملف ناتج عن ذلك! كفانا وإياكم شر الملفات المهملة في حياتكم، وكل عام وأنتم بخييير.. وعيدكم مبارك.
moudy_z@hotmail.com - moudyahrani@ تويترhttp://www.facebook.com/groups/381099648591625/