ما يحدث في الهلال (النادي) وليس الهلال (الفريق) فقط، ليس وليد أخطاء جديدة ولا بسبب محاولات لم يكتب لها النجاح، بل هو سليل أخطاء متراكمة حذّر منها كثير من الإعلاميين (الصادقين) والهلاليين (المخلصين)، لقد قال كثيرون في مواسم خلت، وبعد بطولات أهدرت، إن الهلال يحتاج للكثير والكثير من العمل، وإن الهلال يجب أن يدار بأسلوب مؤسسي علمي، ليس فيه وصاية لأحد، ولا يقوم بناء على رغبات أحد وتوجهات أحد، كان الكثيرون يقولون إن الهلال يحتاج إلى علاج لا إلى مسكنات، كانوا يؤكدون أن الهلال بحاجة إلى أن يتخلص من أسباب أوجاعه وما قد يزيد آلامه، وليس إلى ما يخففها يوماً ويخفيها يوما، لكنها في الواقع تنهش في الجسد الأزرق، وتضعف من قواه، حتى يأتي اليوم الذي لا ينفع فيه علاج ولا تؤثر مسكنات، وإن لم يتدارك الهلاليون أمور ناديهم عاجلاً فربما يأتي اليوم الذي يندمون فيه.. ويومها قد لا يفيد الندم، ولا تنفع الشكوى، وحري بالهلاليين الذين يؤكدون أن ناديهم يمرض ولا يموت، يتعثر ولا يسقط... أن يفكروا في أسباب المرض ودواعي العثرة أساساً، من أجل القضاء عليها، وضمان بقاء النادي في موقعه الذي لا ينافسه عليه أحد، ولا ينازعه عليه أحد.
هنا..لا أتهم أحداً، ولا أحمل وزر ما يحدث أحدا أيضاً، لكن الواقع والمنطق يقولان إن الإدارة الهلالية التي قررت بكامل رغبتها أن تمضي في قيادة النادي لأربع سنوات مقبلة هي المسئولة عن التصدي لما يحدث في النادي، وهي تتحمل أمام أعضاء شرفه وأنصاره مسئولية وضع الحلول الناجعة لمداواة كل ما يحدث في النادي.... وليس على مستوى الفريق الأول لكرة القدم فقط.
الواقع المؤلم الذي يحاول الكثير من الهلاليين غض الطرف عنه، والاكتفاء بما يحدث لفريق كرة القدم، أن جميع ألعاب النادي تعاني، ويكفي مثلاً أن ترتيب النادي على مستوى إنجازات جميع ألعابه قد تراجع إلى المركز الثاني بحسب الإحصائية السنوية التي تقدمها صحيفة «الجزيرة» ويعدها الزميل عبدالله المالكي.
ويكفي أيضاً أن عدداً من أبناء النادي المخلصين ونجومه التاريخيين لم يعد لهم وجود، ليس في كرة القدم وحدها، بل حتى في الألعاب المختلفة، وهنا سأكتفي بضرب مثلين فقط:
- أين النادي من الاستفادة من خدمات أحد أبرز من قدمتهم لعبة كرة الطائرة السعودية الكابتن فهد الحريشي الذي كان ينضح بحب الهلال، ويخرج من صالة الطائرة ليتابع فريق القدم، ولماذا لم يعد له حضور في النادي، ولماذا لم يستفد منه في المساهمة في تطوير اللعبة وإدارتها، ولماذا لم تتح له مثلاً... فرصة الدخول في مجلس إدارة النادي، وهنا أهنئ الاتحاد السعودي للعبة الذي عرف من يختار واستطاع ضم الحريشي لإدارته، لأنه يعرف جيداً مؤهلاته وقدراته!!
- وأين النادي من الاستفادة من لاعب كرة السلة فهد الحجيري الذي كان واحداً من أهم اللاعبين في تاريخ اللعبة، ولماذا لم يستفد منه... بل أين اللعبة برمتها وهي التي كانت في يوم من الأيام ليس بعيداً واحدة من أهم المنافسين على الألقاب؟؟
في مجال كرة القدم يمكن أن يتساءل أي هلالي أو متابع رياضي: أين ذهبت إنجازات فرق الناشئين والشباب، وما الذي حدث للفريق الأولمبي في الموسم الماضي، وكيف عجز عن المنافسة على لقب بطولة الأمير فيصل بن فهد وهو الذي كان أحد أبرز المرشحين لها؟؟..
وهنا أرجو أن لا يقول قائل إن الفرق الأخرى تعمل وتتطور، وأن الجميع يريد الفوز بالألقاب والبطولات، لأن هذا يعني أن عمل الهلاليين أقل جودة وكفاءة من غيرهم، ويصبح ما أريد به دفاعاً إدانة بحق العمل الهلالي!!
أعود إلى حيث بدأت، وأقول إن الهلال الآن يحتاج إلى علاج لا إلى مسكنات، الهلال يحتاج الآن إلى أن يلتئم محبوه وشرفيوه ومسيروه من أجل الانتقال به إلى مرحلة جديدة من الإنجازات والمنافسة، يحتاج إلى نقلة من مرحلة الوعود والمواسم الاستثنائية والهلال الذي ليس له مثيل إلى مرحلة العمل المؤسسي المنظم، العمل الذي يوزع الصلاحيات ويحدد المسؤوليات، العمل الذي يكشف أوجه القصور في حينها، ويوجه إلى أفضل الحلول فور الحاجة إليها.
الهلال، يا من يريدون مصلحة الهلال، يريد أن يعود إليه شرفيوه وصانعوا تاريخه الذي لا يُجارى، وأن يتم تفادي مرحلة الوصاية والصوت الواحد والرأي الواحد والقرار الواحد، وهي السياسة التي أسقطت مؤسسات وأندية، وأن يتم توسيع دائرة الشورى وتبادل الآراء واختيار أحسنها بما يتوافق مع الموارد المتاحة والإمكانيات الموجودة فعلاً.
الهلال يحتاج إلى الانتقال من مرحلة ضم لاعب لأنه يروق لشخص معين، وإبعاد لاعب لأنه لا يروق لآخر، والإصرار على أسماء قدمت كل ما لديها وأصبحت عبئاً على الفريق وميزانيته، والهلاليون يعرفونهم جيداً، فهذه أمور فنية بحتة يجب أن لا تتدخل فيها العواطف ولا تسوقها الرغبات، في الهلال وفي غيره من الأندية.
الهلال يحتاج إلى مجلس استشاري مؤهل ومن أشخاص معروفين بحبهم للنادي، وقربهم منه، ولهم تاريخهم فيه، حتى يقدموا آراء إدارية وفنية تفيد النادي.
الهلال مقبل على مرحلة صعبة، مرحلة العمل وليس مجرد الوعود، حتى لو حقق الفريق الكروي بطولة معتادة، وتجاوز كبوته الحالية... يجب أن يكون العمل للمستقبل ولتاريخ الهلال..
وكل عام وانتم بخير.
sa656as@gmail.comaalsahan@ :تويتر