تتطلب القيادة أكثر من أي شيء آخر النظرة الثاقبة للناس والمنظمات والمواقف وكذلك الظروف، يقول لورانس أكرمان: إن كل الشجاعة الموجودة بالعالم بدون الإدراك لا قيمة لها على الإطلاق أو أسوأ، وذلك لأنه عندما تكون الشجاعة في غير محلها قد تودي بالمؤسسة والموظفين أو حتى تدفع الأمم إلى الحروب.
ولقد زاد عصر المعلوماتية من صعوبة القيادة فمن وجهة نظر القائد أنه من شبه المستحيل الآن القدرة على التحكم بالأفراد، لأنه بات من السهل الحصول على المعلومات والمعرفة، وأصبحت الريادة الفكرية بنفس أهمية الريادة المادية في التخطيط والتنفيذ التجاري.
فالقائد لا يستطيع أن يفرض على الأشخاص طريقة معينة للتفكير.
ثم إن أي مؤسسة مكونة من شخص أو أكثر تعتبر كياناً حياً بحد ذاته، إذ تمتلك بذلك القدرات البدنية والعقلية والعاطفية المتميزة المستوحاة منها، ولكن يفوق ذلك الأفراد الذين يشكلون هذه المؤسسة مع مرور الوقت. ويبدو الإحساس بالحيوية عند القادة زائداً، فهم ليسوا مجرد موجودين، بل يعيشون الحياة على أكمل وجه، إن قانون الكينونة يناقش طبيعة الشركات، هل هي مراكز ربح جامدة، أو عمليات تجارية، أو خطوط الإنتاج، أو عمليات البيع أو هل تعمها الحيوية كالأفراد العاملين فيها؟
وهل هي صورة فقط أم أنها تستند فعلاً إلى أفراد المؤسسة، فإذا كانت الشركة نشطة فإن نشاطها سيكون موجوداً على العديد من المستويات، ويجب على قائد الشركة أن يستجيب لهذه المستويات، متضمنة قيمتها الإنسانية والتجارية والاجتماعية والاقتصادية.
فلو تجاهل القادة قانون الكينونة فسينتهي بهم المطاف متجاهلين نقاط القوة الأساسية لشركاتهم، ذلك لأن القدرات البشرية لمؤسسة معينة تدمج الهوية القابلة للإدراك بثبات والتي تجعل من هذه المؤسسة شيئاً فريداً.\ هذا القانون يطرح اختياراً حاسماً للقيادة، اختياراً لمعرفة الذات، كقائد، فإنه يجب عليه أن يكتشف هويته، وكيف يؤثّر على الآخرين، هذه المعرفة لها تأثير على كل شيء يعتقد أو يُقال أو يفعل، فهي تؤثّر على كيفية رؤية الآخرين للقائد، وماذا يستطيع أن يفعل لتصحيح المفاهيم الخاطئة. وفي الوقت نفسه، فإن هويات الأفراد العاملين في الشركة هي التي تشكل هوية هذه الشركة، فالعنصر الأساسي لهوية الشركة هو جوهرها الصادق وهدفها.
من جهة أخرى فإن قانون الإرادة يركز على الإرادة التي يحتاجها الأفراد والشركات للبقاء ناشطين، لكن المعرفة والحكمة يجب أن يخففا من قوة الإرادة، فقد تتفوّق الهوية على التخطيط.
وقانون الإمكانية عبارة عن جسر مهم بين الاكتشاف والتحول، فالإمكانية والاحتمالية تنشأ من الهوية. كل فرد أو شركة لديه الإمكانية لإنجاز أشياء كثيرة. وذلك كنتيجة مباشرة لخصائصهم وهوياتهم الفريدة. هذا القانون يبقي على أن الهوية تفوق كل شيء، فهي تنبئ بالاحتمالية. إن الهدف الأساسي لهذا القانون هو تحرير الإمكانية الكامنة في الهوية، فالهوية تخبرك تماماً إلى أين تتجه، لكن تزوّدك ببعض الاتجاهات.
ولذلك يجب على القادة فهم العلاقات الموجودة بمؤسساتهم لدعم تطور ونجاح المؤسسة.
- عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية