تحتفل المدن بتسميتها (عاصمة الثقافة) وتفتخر بتلك التسمية وتحرص على أن يطلق عليها ذلك اللقب الجميل فهو الشاهد على أن الوعي والإبداع سمة من سماتها وهاجس دائم لسكانها، فالمدن التي لا تقرأ ولا تكتب هي أقرب إلى المقابر منها إلى المدن، فالعلم هو الحياة، فإلى جانب الغذاء والدواء والكساء لا غنى للمدن عن غذاء الفكر وقد تنقرض المصانع التي تنتج حاجة الإنسان المعيشية وتتآكل وتنسى ولا يذكر منها التاريخ إلا القليل مما كان له إثر قوي على حياة الناس، والأمم تقاس ويحكم لها أو عليها بثقافتها وعلومها وآدابها.
وهناك مدن أو مناطق تحس وأنت تتحدث مع أحد من سكانها أن لديه ما يتحدث عنه غير الأحداث اليومية التي يتداولها الناس، وأن تحدث بها فقد يمرّ بك شاهد من شعر لم تسمع به من قبل، وقد تكتشف إذا أخذ الحديث منحى شعريًّا أسماء شعرية لم تعرفها وقصائد لم تقرأها، لتكتشف أن ما اطلعت عليه مما دوّن ليس هو كل الجيد من الشعر وان هناك مناطق واسعة من الإبداع لم تسلّط عليها الأضواء.
وقفة للإمام الشافعي:
العلمُ مغرسُ كلِّ فخرٍ فافتخر
وَاحُذَرْ يَفُوتُك فَخْرُ ذَاكَ المغْرَسِ
واعلم بأنَّ العلم ليس ينالهُ
مَنْ هَمُّهُ في مَطْعَمٍ أَوْ مَلْبَسٍ
إلاَّ أَخُو العِلمِ الَّذِي يُعْنَى بِهِ
في حالتيه: عاريا أو مكتسي
فَلَعَلَّ يَوْماً إنْ حَضَرْتَ بِمَجْلِسٍ
كنتَ الرئيس وفخرّ ذاك المجلسِ
fm3456@hotmail.com