إن من المنطلقات العظيمة التي قامت عليها المملكة العربية السعودية اتخاذ الإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة هذا الدين الذي يدعو من خلال مبادئه الشاملة وأحكامه الربانية إلى الاجتماع والوحدة والاعتصام بحبل الله المتين ونبذ الفرقة والخلاف والبعد عن كل ما يوقع في الشقاق.
ومن هذا المنطلق جاءت رؤية المملكة العربية السعودية للتضامن الإسلامي منذ عهد الإمام المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- موحد هذا الكيان الكبير وراعي التضامن الإسلامي والذي اهتم بكل ما من شأنه وحدة المسلمين وجمع كلمتهم وتوطيد العلاقة الإسلامية فيما بينهم تحقيقاً لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}.. وقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}.
وسطر التاريخ مواقف مشرفة وجهود حثيثة للملك عبدالعزيز ولأبنائه البررة من بعده في تعزيز التضامن الإسلامي والعمل على جمع كلمة المسلمين وحل خلافاتهم وإنهاء ما قد يحدث من شقاق ونزاع.. وحق لكل منصف أن يقرأ المبادرات الكريمة لملوك هذه البلاد الطاهرة في مجال نصرة قضايا المسلمين وما قضية فلسطين إلا شاهد على ذلك وغيرها من المواقف المشرفة لكل مسلم والتي تهتم بأمر المسلمين وتخفف من المحن والرزايا التي تلحق بهم.
إن المملكة العربية السعودية بعمقها الإستراتيجي ومكانتها الدينية في قلوب المسلمين تمثل حصناً حصيناً لهم ومكاناً تهوي إليه أفئدتهم في حل قضاياهم وإنهاء خلافاتهم ووحدة كلمتهم.. واليوم نشهد مبادرة كريمة وعملاً عظيماً من ولي أمرنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -وفقه الله- وهو الذي عرف بمواقفه الشجاعة وأعماله الجليلة في نصرة قضايا المسلمين شعوراً منه بحجم المخاطر المحدقة بعالمنا الإسلامي وجسامة الخطب الذي يحدث اليوم في بلاد شتي من أنحاء العالم من حروب ونزاعات وفرقة وتطهير عرقي واستهداف لمقدسات المسلمين وعقيدتهم وقيمهم الدينية ووحدتهم الإسلامية إن هذا الشعور الإيماني الكبير لدي خادم الحرمين الشريفين هو من أنبل الأهداف السامية التي دعته إلي الدعوة لعقد هذا المؤتمر الهام للعمل علي جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفهم وإنهاء خلافاتهم وحقن دمائهم وحفظ أعراضهم وأموالهم والتي تنتهك يومياً في بلاد شتى.
أسأل الله الكريم بأسمائه الحسني وصفاته العلى أن يوفق خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين لتحقيق ما يتطلعون إليه من عقد هذا المؤتمر المبارك من أهداف سامية كريمة وأن يجزل لهما الأجر والمثوبة إنه سميع مجيب كما أسأله تعالى أن يهيئ لهذا المؤتمر أسباب النجاح وأن يخرج بنتائج ترقى إلى تطلعات الأمة الإسلامية وهو يعقد في ليال فضيلة مباركة من هذا الشهر المبارك وبجوار بيت الله الحرام كل هذه معطيات للنجاح -بإذن الله-.. حفظ الله على بلادنا نعمة الأمن والإيمان وحفظ قادتها وسددهم لكل خير.
- الأمين العام للمجلس الأعلى للقضاء