|
محمد السهلي - الجزيرة:
يواجه الطلاب الخليجيون معضلة إيجاد حسابات إسلامية عندما تطأ أقدامهم القارة الأسترالية. فمنذ 2006 بدأ السعوديون يتوافدون على مايلبورن وسدني إبان طفرة الابتعاث التي تعيشها المملكة. وكان أول سؤال يخطر على بالهم هو:»هل يوجد عندهم بنك اسلامي؟»
طارق ..هو أحد الطلاب السعوديين الذين يدرسون بهذه القارة المعزولة تقريبا من العالم.مثله مثل الطلاب الخليجيين الذين عبروا نصف الارض للوصول الى هنا, يعانون حاليا من معضلة ايجاد مصرف اسلامي يلبي متطلباتهم الدينية. مصرف الكومنويلث, تأسس قبل نحو قرن, ويطلق عليه الطلاب السعوديون لقب «مصرف الراجحي» لكثرة تعدد فروعه.فهذا البنك حاول استغلال هذا التدفق الطلابي من البلدان الاسلامية, فقدم لهم في عام 2006 خدمة حساب «ستريم لاين أكاونت»حيث بإمكان الطالب ان يفتح هذا الحساب قبل ان تطأ قدماه الاراضي الاسترالية.
فحساب الطلاب هذا خال على غير العادة من الرسوم مع امكانية حصول الطالب على فوائد بسيطة، بمعنى آخر لم يوجد في ذلك الوقت حساب خال من الربا. حيث عكف الطلاب في ذلك الوقت على تطهير هذا الحساب عندما تكشف تسرب الفوائد الربوية الى حسابك من خلال ورقة كشف الحساب. ولم يمنع هذا من تثقيف الطلاب السعوديين موظفي البنوك الأسترالية من السبب الكامن من عدم قبولهم للفائدة، حيث يستغربون ذلك التصرف ليضطر الطالب بعد ذلك توضيح ان الفائدة غير مشروعة في الإسلام. وأن الفائدة التي تم اضافتها للحساب سيتم التبرع بها.
وبعد مرور 7 سنوات على ذلك الوضع يأمل الجيل الجديد من الطلاب الخليجيين أن يجدوا بعضا من كبرى البنوك الاسترالية تقدم حسابات اسلامية لهم. كيف لاو الاعلام الغربي يروج بأن المؤسسات المالية والحكومة في أستراليا تعكف على دراسة إدخال نظام الصيرفة الاسلامية ومبادئها إلى النظام المالي الاسترالي. وفي الغالب سيسترشد هؤلاء الطلاب بالمجتمعات الاسلامية في الجامعات من أجل معرفة ما اذا كانت خدمة الحسابات الاسلامية متوفرة من عدمها. حيث تخصص بعض الجامعات هناك مساجد و مطاعم للمسلمين حيث يساهم وجود هذه المجتمعات زيادة أعداد الطلاب من البلدان الإسلامية ولاسيما ماليزيا. وفي العادة تساهم منتديات الطلاب الخليجيين في تثقيف الطلاب الجدد عن «أقرب» البنوك الأسترالية تعاملا مع الحسابات الإسلامية في حالة تواجدها كما يحصل في بريطانيا.
يقول تشابان عمران، المدير التنفيذي لشركة كريسينت الاستثمارية، «تجاهل البنوك وافتقار التوعية لدى الغالبية العظمى للجاليات الاسلامية يقودان لانحسار تواجد الصرافة الاسلامية بأستراليا .ولكن هذا لم يمنع بعض افراد تلك الجاليات من تأسيس اكبر مؤسسة اقتصادية لخدمة المسلمين،ليس هذا فقط بل قامت بعض البنوك الاسترالية بمحاولات خجولة لاستمالة و استغلال تواجد الطلاب المسلمين من شرق آسيا, ولا سيما ماليزيا, و الخليج الذين يقصدونها لرفع مستوياتهم الاكاديمية، فكان اقصى ما توصلت اليه تلك البنوك التقليدية هو إنشاء حسابات خاصة موجهة لفئتهم تفتقر الى «حد ما» ,وليس تماما,الى الفائدة.» في عام 1989، أسست الجالية المسلمة في استراليا جميعة تعاونية بدأت بعشرة أعضاء ورأسمال قدره 17.161 دولاراً أمريكياً. وجاء تأسيس الجمعية بهدف تقديم نموذج عملي للمصرفية الاسلامية إلى الجالية الاسلامية خاصة، والمجتمع الاسترالي عامةً، كما هدفت الجمعية أيضاً إلى تزويد المسلمين في استراليا بخدمات ومنتجات مالية بديلة لمثيلاتها التي تقوم على الفائدة الربوية.
تشتمل أنشطة الجمعية على القيام بتعاملات وإجراء صفقات مالية تستند إلى مبادئ التمويل الاسلامي، ولا تقوم الجمعية بأية معاملات تشتمل على فائدة ربوية، وتشتمل أنشطتها كذلك على توفير إطار مؤسسي لتحويل الصناديق الخيرية إلى أداة مفيدة على الصعيد الاجتماعي ومنتجة على الصعيد الاقتصادي. وتقوم الجمعية بإدارة خمسة أنواع من الصناديق هي: صناديق المرابحة، والمشاركة، والمضاربة، والقرض الحسن وصناديق الزكاة. وقد شهدت نمواً كبيراً منذ تأسيسها، وتضم حالياً أكثر من 8000 عضو، وتبلغ قاعدة موجوداتها 30 مليون دولار استرالي(23.09 مليون دولار أمريكي)، مقارنة مع 81.365 دولاراً أمريكياً في عام 1991. وتستند طريقة التمويل المتبعة لدى الجمعية إلى فتاوى مختلفة تصدر عن علماء دين مشهورين يعطون آراءهم وفتاواهم حول الحصول على تمويل يتفق مع أحكام الشريعة الاسلامية في بلد غير إسلامي، وتم الحصول كذلك على رأي الأزهر في مصر فيما يتعلق بأمور محددة بشأن نموذج التمويل المستخدم في الجمعية.
افتقار التوعية
و تشدد الجمعية ان على أي مؤسسة مالية ترغب بتبني منهج الصرافة الاسلامية, أن تقبل «بأن الكثير من المسلمين في استراليا أو معظمهم ليست لديهم معلومات وافية عن نظام التمويل الاسلامي. وإن تقديم تعليم غير رسمي حول هذا الموضوع هو شكل آخر من أشكال الدعوة إلى جانب كونه استراتيجية تسويقية حصيفة. وينبغي أن يكون تدريب الموظفين على الأمور الاسلامية ذات العلاقة جزءاً من عملية تطويرية مستمرة». يذكر أن جامعة «ديكين» كانت أول جامعة استرالية تقدم ماجستير في الصيرفة الإسلامية في 2009. وكانت هناك آمال عظيمة أن ترسل البنوك الإسترالية موظفيها للتعلم. وساهم دخول جامعة ديكين في القائمة الخاصة بتكدس الطلاب السعوديين الى تقليل أعداد الطلاب بها. وأدت تلك العوامل الى إيقاف برنامج الماجستير للمالية الإسلامية من قبل منسوبي الجامعة.