مع ما تمثِّله الأجواء الروحانية التي يستشعرها ويعيشها المسلمون في العشرة الأواخر من شهر رمضان المبارك وبالذات ممن يتواجدوا في مكة المكرمة وبجوار الحرم المكي، يبدأ قادة الدول الإسلامية مؤتمر التضامن الإسلامي الاستثنائي الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز، وتتطلَّع الشعوب الإسلامية جميعًا بقلوب ملؤها الأمل، معززين بالأَهمِّية الزمنية والمكانية لموعد ومكان القمة الإسلامية في أن يكون اجتماع قادة الأمة مبعثًا لانطلاقة جديدة وصدور نتائج وقرارات إيجابية تنفذ ويلتزم بها القادة لتعود بالخير والنَّفع على جميع البلدان والشعوب الإسلامية.
أبناء الأمة الإسلامية جميعًا يقدِّرون لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مبادرته المسؤولة وتحرُّكه الإيجابي، ويُعدُّون اختياره لمؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائية أفضل وأطهر مكان وأفضل وأعظم زمان، ولهذا فإن المسلمين جميعًا يعوِّلون على قادة الأمة ويناشدونهم بألا ينفض اجتماعهم الذي يبتهلون إلى الله العزيز القوي أن يكون اجتماعًا مباركًا وأن تصدر عنه قرارات تستجيب لتطلّعات وآمال الشعوب الإسلامية في الحرية والكرامة والعزة والعيش الكريم.
وتأمل الشعوب الإسلامية من القادة المسلمين أن يعملوا بجد وصدق على توحيد الصف العربي من خلال القضاء على الخلافات البينية وبالذات الطائفية التي تتطلَّب وأدها والقضاء عليها، ووضع خطة شاملة للعمل الإسلامي والعربي المشترك تكون فيها مصلحة الأمة مقدمة على المصالح الضيقة، فبدون توحيد الصف العربي لن تقوم للأمتين العربيَّة والإسلاميَّة قائمة.
وأن تتخذ القمة الإسلامية موقفًا واضحًا وجادًا بالوقوف مع الشعب السوري الذي يقاتل نظامًا طائفيًا يستخدم كافة أنواع الأسلحة المحظورة وغير المحظورة لقتال شعب أعزل يطالب بالحرية والكرامة والعدالة الإنسانيَّة وهو ما يجب أن يحظى بتلقي وتقديم كافة أنواع الدعم المادي والسياسي وحتى العسكري، والعمل بكلِّ قوة من أجل تفويت الفرصة على النظام السوري القاتل لشعبه والساعي لإشعال فتنة الحرب الأهليَّة في سوريا، وتحويل الصراع من أجل التحرير من الاستبداد والدكتاتورية إلى صراع إقليمي ودولي على مناطق النفوذ في المنطقة، ولهذا فإن على المجتمعين في مكة المكرمة أن يفوّتوا الفرصة على هؤلاء المجرمين والتأكيد على أن الشعب السوري يد واحدة ضد هذا النظام الفاقد للشرعية الذي بدأت أركانه تتهاوى الواحدة تلو الآخر وسوف تشهد نهايته قريبًا بعون الله.
كما أن على القادة المسلمين أن يعلنوا وبقوة الدفاع عن الأقليات المسلمة في بورما والصين وغيرهما من الدول التي يعاني فيها المسلمون من التضييق والتهميش وحرمان الحقوق والجرائم العنصرية التي تتركز على المسلمين دون غيرهم.
كثيرة هي القضايا والأزمات التي تحاصر المسلمين، إلا أن القضية الفلسطينية لا تزال تعاني الإهمال من قبل الأسرة الدوليَّة وعدم اتخاذ موقف حازم ضد الكيان الإسرائيلي وهو ما يتطلب موقفًا واضحًا وصريحًا من القمة اتجاه هذه القضية المصيرية والمهمَّة لكل المسلمين.
وفق الله قادة الأمة وأسبغ الله عليهم رحمته ومدَّهم بالحكمة والقوة لتحقيق آمال وتطلَّعات الأمة، الذين يعلقون آمالاً كبيرة على قادتهم في هذين اليومين وفي هذا المكان العظيم، والله الموفق.
jaser@al-jazirah.com.sa