جلسة مجلس الأمن التي ستنعقد في نهاية هذا الشهر، ستشهد تحوّلاً جذرياً في موقف روسيا من المسألة السورية.
ليفغيني بريماكوف، زميل فلاديمير بوتين في الاستخبارات السوفياتية السابقة، ومراسل وكالة “تاس” السوفياتية في الشرق الأوسط سابقاً، والحالم مع زميله بوتين بعودة الاتحاد السوفياتي، أكد، قبل أيام، تعليقاً على الصمت الروسي المفاجىء حيال تطورات الأحداث السورية، أن بوتين على وشك اتخاذ قرارات روسية حاسمة تتبنى، إلى حدّ بعيد، الموقف العربي والموقف الغربي من الثورة السورية، سيطرحه في مجلس الأمن الذي سينعقد في الثلاثين من آب - أغسطس الحالي.
المعلومات الأكثر تفصيلاً عن الموقف الروسي الجديد، اُبلغت إلى الإيرانيين، الذين اُصيبوا بصدمة ذهول مفاجئة، ما اضطرهم إلى الغرق بشكل أعمق وأكثر خطورة في تأييد النظام العلوي في دمشق، حتى إن وزير الخارجية الإيرانية هدد الولايات المتحدة، بعيد ساعات من مجزرة سيناء (ذات الصناعة الإيرانية - الإسرائيلية)، أن الحريق الذي تـُشعله واشنطن في سورية، سيلتهم إسرائيل، فأعاد بذلك ذاكرة المراقبين إلى تصريح رامي مخلوف، ابن خالة بشار الأسد والقابض على المصير الاقتصادي السوري، لصحيفة “النيويورك تايمز” الأمريكية، الذي ذكـّر فيه إسرائيل بأن بقاء وأمن النظام العلوي مرتبط عضوياً ببقاء وأمن إسرائيل.
رغم دعم نظام ولاية الفقيه في طهران للنظام العلوي في دمشق بما لا يقل عن خمسين ألفاً من ضباط وجنود الحرس الثوري الإيراني، وتجهيزهم بأحدث العتاد الحربي الفتاك بكميات لا حدود لها، فإن أوساطاً إيرانية، تـُكابد الهلع الهستيري من سقوط نظام الأسد، ترى أن المعركة في حلب قد تنتهي بسيطرة قوات الأسد على وسط المدينة ونقاط أساسية أخرى، في حين قد يضطر الثوار إلى التراجع تكتيكياً، لكنهم إن استطاعوا السيطرة على حلب، فإن النظام العلوي سينهار بسرعة، لكن ذلك لن يحدث في وقت قريب.
يكشف تصريح ممثل المرشد الإيراني سعيد جليلي بأن إيران لن تسمح بكسر الضلع الأساسي (النظام العلوي) لمحور المقاومة والممانعة، عن أن إيران باتت مُتيقنة من أن مصير الضلع الأساسي قد تحدد، إذ بالدمار الذي ألحقه بالبنى الأساسية للكيان السوري، مع قتل أكثر من خمسة وعشرين ألف إنسان،
وتشريد أربعة ملايين، وتهجير ما لا يقل عن المليون، نزع عنه الصفة الشرعية في أي تسوية مستقبلية مُحتملة.
مجلة “دير شبيغل” الألمانية تقول إن النظام العلوي في دمشق بدأ ينهار، حيث بدأت تظهر دولة ثانية في الجزء الشمالي من سورية، وعلى مسافة كيلو مترات قليلة يوشك الثوار أن يسيطروا على حلب، كبرى المدن التجارية.
أشلاء جغرافية وبشرية مُوزعة هنا وهناك في سورية.. يتساءل الإيرانيون والإسرائيليون عن اليوم التالي لرحيل النظام العلوي، ويُهددون بخراب لا نهائي، وفوضى لا نهائية.
ذلك التساؤل، وهذا التهديد صحيحان.. النظام لن يسقط.. سينتقل إلى أجزاء محددة من الكيان السوري، ويُؤسس دولة علوية صافية، تعترف بها فوراً موسكو وتل أبيب وطهران، مُستصرخاً الأمم المتحدة لحمايته والإعتراف به، لأنه يتعرّض لـ “حرب إبادة” من قبل الشعب السوري.
Zuhdi.alfateh@gmail.com