توم إنجيلهاردت
هجوم الحلفاء المحليين في أفغانستان على قوات التحالف من الناتو والولايات المتحدة الذين يمولون الأفغان ويدعمونهم ويدربونهم ارتفعت وتيرتها بشكل ملحوظ. مثل تلك الحوادث وقعت على الأقل 21 مرة حتى الآن في هذا العام، مما أسفر عن مقتل 30 أمريكيًا وأوروبيًا، وهو العدد ذاته للهجمات التي تم الإبلاغ عنها في 2011. وطبقًا للأسوشيتدبرس فإن الولايات المتحدة والناتو لا ينشران عادة أنباء الهجمات، إلا إذا أسفرت عن وفيات، لذا فإن العدد ربما يكون أكبر من ذلك.
لقد كان هناك على الأقل أربعة حوادث اعتداء خلال شهر يوليو الماضي، الحادثة الأولى كانت في الأول من يوليو واشترك فيها عضو من قوات النخبة الأفغانية حيث قتل ثلاثة جنود بريطانيين في نقطة تفتيش في محافظة هلمند، والتي تقع في عمق معاقل طالبان ، وتم القبض على مطلق النيران.
وبعد ذلك بيومين صرحت الأسوشيتد برس أن رجلاً يرتدي الزي الرسمي للجيش الأفغاني فتح سلاحه الآلي على قوات أمريكية خارج قاعدة للناتو في محافظة ورداك غرب العاصمة الأفغانية كابول، مما أسفر عن جرح خمسة قبل أن يلوذ بالفرار.
ثم بعد ذلك في 22 يوليو قام حارس أمني بقتل ثلاثة مدربين للشرطة، منهم اثنان من عملاء حماية الحدود الأمريكيين وآخر ضابط سابق بشرطة الجمارك البريطانية، وهذا حدث في منشأة تدريب شرطية بالقرب من حيرات التي تقع في شمال غرب أفغانستان في المنطقة الهادئة بصفة عامة بالقرب من الحدود الإيرانية.
وفي اليوم التالي فتح جندي أفغاني نيران رشاشة في إحدى القواعد العسكرية في محافظة فارياب في شمال البلاد، على مجموعة من الجنود الأمريكيين الذين اتضح أنهم أيضًا كانوا يعملون كمدربين للشرطة، مما أسفر عن جرح اثنين قبل أن يتم قتله.
في 2007 و2008 كانت هناك أربع حوادث فقط للهجمات على قوات التحالف، مما أسفر عن مصرع 4 جنود، وعندما بدأت الأحداث في التصاعد في 2010، كان الاتجاه العام من المتحدثين باسم قوات التحالف إلقاء التهمة على مخترقين من طالبان (وبالفعل تبنت طالبان بعضًا منها)، ولكن الآن فإن المتحدثين باسم الولايات المتحدة والناتو بدأوا يلقون بتبعة مثل ذلك العنف على أفراد حانقين وليس على مخترقين من طالبان، وهم يفضلون أن يقدموا كل حادثة على أنها حادثة فردية محلية بارتباط ضعيف بأي من الحالات الأخرى.
في الحقيقة هناك نمط صادم يحدث الآن يجب أن يتصدر الأنباء، فالهجمات تلك يبدو أنها غير متزامنة أو منسقة، ولكنها بالرغم من ذلك تبدو أنها تمثل نوعًا من الرفض الجمعي لما يحاول الناتو والجيش الأمريكي أن ينجزاه، مما يمكن أن يشكل صرخة أفغانية من مسلحين لا يعلمون شيئًا سوى القتال وحمامات الدماء والدمار لأكثر من ثلاثة عقود.
عدد تلك الحوادث صادم للغاية، بالوضع في الاعتبار أن الأفغاني الذي يفتح نيرانه على جنود من الحلفاء سواء الأمريكيين أو الأوروبيين جيدي التسليح من المؤكد أنه سيلقي حتفه، ولم يهرب سوى عدد قليل من المهاجمين، وقلة منهم تم القبض عليهم أحياء (بما في ذلك واحد تم الحكم عليه مؤخرًا بالإعدام في محكمة أفغانية)، ولكن معظمهم تم قتلهم. في الوضع الراهن الذي يكون فيه المستشارون الأجانب والقوات الدولية على أهبة الاستعداد، فإن تلك الأحداث تعتبر بالأساس عمليات انتحارية.
لذا من المنطقي أن نفترض أن كل أفغاني يتصرف بمثل هذا الأسلوب وراءه مجموعة أكبر من الأشخاص الذين لديهم المشاعر ذاتها ولكنهم لم يتحركوا بعد.
إذا لم تنحسر خطورة العنف سريعًا، فإن ذلك سيكون خطرًا للغاية، حيث إنه لم توجد حادثة مشابهة في التاريخ الأمريكي، أو في أي حرب يقوم فيها حلفاؤنا من السكان المحليين بفتح نيران أسلحتهم التي توفرها لهم الولايات المتحدة وقواتها بمثل هذا العدد من الضحايا، أو على حد علمي، بأي عدد على الإطلاق، فهذا لم يحدث سواء في القرنين الثامن عشر أو التاسع عشر في الحروب الهندية، أو في الانتفاضة الفليبينية في نهاية القرن الماضي، أو في كوريا في أوائل خمسينيات القرن الماضي، أو في فيتنام في الستينيات وأوائل السبعينيات أو في العراق في هذا القرن (في فيتنام فإن الحادثة المشابهة الوحيدة كانت من الجنود الأمريكيين أنفسهم، وليس من نظرائهم من الفيتناميين الجنوبيين، عندما فتحوا نيرانهم على ضباطهم في عنف مثل ذلك).
وبصرف النظر عن المظالم الفردية أو الشكاوى وراء حوادث الهجوم من الحلفاء المحليين على القوات الأجنبية، فإن هناك رسائل تراكمية مختفية وراء تلك الهجمات ولكن لا واشنطن ولا الجيش الأمريكي يريدون سماعها، فإن مثل تلك الهجمات تؤكد مدى فشل المهمة الأمريكية الجارية حاليًا في أفغانستان. في النهاية ماذا سيكون أكثر تدميرًا بعد 12 عامًا من غزو بقيادة الولايات المتحدة من مثل تلك الهجمات التي لم تأت من أعداء الولايات المتحدة الذين تقاتلهم رسميًا، ولكن من الأفغان القريبيين من الولايات المتحدة، الأفراد الذين تدربهم بتكلفة تقترب من 50 مليار دولار لكي يتقلدوا المهام الأمنية في البلاد بعدما يتم تقليص عدد القوات الأمريكية المقاتلة.
إن ما نراه الآن في معظم حالات العنف هو إغراق بالرسائل من حلفائنا الأفغان، من القوات الأمنية التي تخطط واشنطن بالاستمرار في دعمهم لفترة طويلة بعد انسحاب معظم القوات الأمريكية من البلاد، بأقصى ما يمكن أن تترجمه الرصاصات إلى كلمات، تلك الرسالة هي: «مهمتكم فشلت: أخرجوا أو ألقوا حتفكم».
* أحد مؤسسي مشروع الإمبراطورية الأمريكية وآخر كتبه «ولايات الخوف المتحدة».
(لوس أنجيليس تايمز) الأمريكية