لو عدنا إلى الذاكرة القريبة سنرجع إلى الاجتماعات واللقاءات الدولية والمكوكية لوزراء الخارجية ورؤساء الدول الغربية لحشد الرأي العام وتجييش المنظمات الدولية: الأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي ومنظمة العالم الإسلامي والجامعة العربية؛ من أجل غزو أفغانستان وتدميرها 2001م، وإسقاط نظام صدام حسين في العراق 2003م .. حينها لم يصدر من مجلس الأمن تفويض بالحرب وذهبت أمريكا ومن معها لكسر نظام صدام حسين ثم اختلف العالم هل هو تحرير أم احتلال أمريكي للعراق؟
من الناحية الجغرافية هناك ارتباط جغرافي وجيولوجي يربط العراق ببلاد الشام: سورية والأردن ولبنان وفلسطين تطلق عليها المراجع البلدانية والأطالس الجغرافية بلاد العراق والشام وبلاد النهرين وبلاد وادي الرافدين والهلال الخصيب وبلاد الشرق العربي القديم، وهي جغرافيا بلدان متداخلة مترابطة من الناحية الطبوغرافية وأيضا من الناحية السياسية، وعلى حزام زلزالي سياسي واحد إذا اهتزت بغداد اهتزت دمشق وعمان والقدس وبيروت.
والممعن في القراءة التحليلية التاريخية والسياسية يدرك أن انهيار وسقوط بغداد عام 2003م هو انهيار لدمشق في اقرب الفرص السياسية.. والآن دمشق تتلقى الضربة الاهتزازية والارتدادية من بغداد التي تأخرت إلى 2011م مع الربيع العربي وليس مع شتاء الحلف الأطلسي لكنها جاءت ماطرة.
إذن لماذا تباطأ الحلف الأطلسي والعدالة الغربية والضمير الحقوقي في دول الاتحاد الأوروبي؟ لماذا تُرِك الشعب السوري بين كماشة بشار وطائراته وأسلحته الثقيلة دون أن يتدخل الضمير والعدل والحقوقي الغربي وهو الذي جند العالم لحشد التأييد الدولي لإسقاط صدام حسين رئيس العراق السابق ومحاكمته مع أعوانه، في حين يُذبح الشعب السوري في الشوارع وفي العواصم والمدن الكبرى دمشق وحلب وحمص وريف الشام والعالم يتفرج على هذه المذابح وتنقل على وسائل إعلام عالية الجودة وبأنواع التقنيات؟
هل كان للعالم ضمير وقيم أخلاقية حين كانت بغداد.. هل سورية استثناء في العالم وقدرها أن تموت واقفة ليشهدوا العالم على احتضارها... هل لأن مستقبلها (سني) جماعة أهل السنة والكتاب.. هل لأنها تجاور إسرائيل؟.. هذه المعطيات لا تبرر الموت المجاني والذبح بالشوارع والتنكيل والاغتصاب وقتل الأطفال والأمهات بدم بارد, ولا يبرر أيضاً صمت العالم.