رَمَضَانُ أَفَلَ، وَحَلَّ بِنَا
آخِرُ الْغَيْثِ.. خَيْرُ الدُّعَاءِ..
رَمَضَانُ كَرِيمٌ.. وَعَشْرٌ أَوَاخِرُ،
وَشُكرٌ لِرَبِّ الْعِبَادِ
وَذِكْرٌ، وَصَوْتُ ابْتِهَالٍ
تراتيلُ وِرْدِ الْقِرَاءَاتِ ..
صَلَاةٌ وَصَوْمٌ،
تَهَالِيلُ.. تَكْبِيرٌ..
قِيَامٌ .. قُنُوْتٌ.. دُعَاءٌ بِلَيلٍ..
* * *
وَدَعْوَةُ حُبٍّ تهِيلُ مَدَامِعُهَا
عَلَى الرَّاحِلينَ..
فَأُذْكِي - أَنَا - سَلْوَتِي فِي الْبُكَاءِ
وَانْفِطَارِ الْفُؤَادِ،
وَلَوْعَةِ قَلْبِي، وتَلْوِيحَةِ الْودِّ،
وَالشَّوْقِ إِلَى وَجْهِ مَنْ غَادَرَ
الشَّهْرَ صَائِماً..
(أَبِي.. إِلَى رَحْمَةِ اللهِ.. إِلَى رَحْمَةِ اللهِ)
فَفِي آخِرِ عَشْرِ الصِّيَامِ
يُكَمِّلُ عَامَ الرَّحِيلِ..
لَقَدْ فَارَقَ الْأَهْلَ وَالنَّخْلَ..
فَقَبْلَ الْغُرُوبِ، وَعَلَى غَفْلَةٍ
مِنْ حَذَرٍ..
تَأَرْجَحَ فِيهِ سِنَانُ الْخُطُوبِ..
تَثَنَّى بِأَعْطَافِ
أَرْضِ الْفِلَاحَةِ..
مُجْهَداً.. مُتْعَباً.. نَازِفاً..
يَمُوتُ أَبِي قُرْبَ نَخْلَتِهِ
وَقَدْ وُلِدَ قَبْلَ قَرْنٍ
بَيْنَ غَابَةٍ مِنْ شُجَيرَاتِهَا
فِيْ تَجَاوِيفِ جِبَالِ “أَجَا”
بَيْنَ صُمِّ الْحِجَارَةِ وَخَشْخَشَةِ الْحَصَى
وَخُضْرَةِ سَعْفِ النَّخِيلِ..
* * *
ضَامِئاً غَادَرَ الشَّيخُ
حَيَاةَ الْقُرَى وَالشَّقَاءِ..
مَعْ رُسُلِ الْمَنِيَّةِ
إِلَى بَارِئِهِ.. خَالِقِ النَّاسِ.. سُبْحَانَهُ اللهُ
* * *
حَفِيدٌ عَلَى قَبْرِهِ يَجْأَرُ بِالنَّشِيجِ!
يُوَلْوِلُ: أَيْنَ جَدِّي؟! أَيْنَ جَدِّي؟!
مَنَاحَتُهُ تُذْكِيْ مَشَاعِرَ فَقْدٍ أَلِيمٍ..
يَا بُنَيَّ.. لاَ يُفِيدُ الْبُكَاءُ.
لاَ شَيء غَيْرَ الدُّعَاءِ بِمَوفُرِ
مَغْفِرَةٍ عَسَى أَنْ يَمُنَّ بِهَا اللهُ
عَلَيهِ، وَعَلَينَا جَمِيعَاً..
* * *
رَمَضَانُ.. تَرَحَّلَ عَنَّا،
وَفِينَا مِن الْوَجْدِ،
وَالشَّوْقِ أَنْ يَقْبَلَ اللهُ
دُعَاءَ الصِّيَامِ، وَأَنْ يُجْزِلَ الْخَيرَ
لِأَهْلِ الْقِيَامِ.. وَيَمُنَّ عَلَى الرَّاحِلِينَ
بِمَغْفِرَةٍ وَثَوَاب..
hrbda2000@hotmail.com