|
الجزيرة - الترجمة:
الحكومة الائتلافية الإسرائيلية على وشك الانهيار في الوقت الذي يخيم فيه القلق على قادتها بشأن السياسات الأمريكية تجاه سوريا وإيران. ولقد وصف إليوت أبرامز، خبير الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية ومساعد مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق خلال فترة حكم الرئيس بوش الابن، وصف إسرائيل بأنها تمر حاليا بأوقات غير محسومة في تاريخها؛ في أعقاب انسحاب حزب كاديما من الائتلاف الحكومي مع حزب الليكود بسبب قضية خدمة اليهود المتشددين في الجيش أو الخدمة الوطنية، وأشار إلى أن من المتوقع أن تكون هناك انتخابات مبكرة في إسرائيل في يناير المقبل. وقال إبرامز إن إسرائيل في وضع «الترقب والانتظار» حول من سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قبل أن تتعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والقضايا الأخرى، بالرغم من أنه من المتوقع أن تقرر إسرائيل ما الذي يمكن أن تفعله فيما يتعلق بإيران حيث إن «النافذة تغلق سريعًا وهم بحاجة حقيقية لاتخاذ قرار للتصرف حتى قبل الانتخابات الأمريكية». وفيما يلي نص الحوار الذي أجراه موقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي مع إليوت إبرامز الذي عاد قبل فترة قصيرة من رحلة إلى إسرائيل:
* ماذا كان شكل الاتجاه العام في إسرائيل في رحلتك الأخيرة؟
- في شؤون السياسة الخارجية، يمكن أن أصفهم بأنهم يضيعون الوقت في أمنيات بأن تتخذ الولايات المتحدة دوراً أكبر في سوريا وفيما يتعلق ببرنامج إيران لتخصيب اليورانيوم. فهي أمنيات بأن تتحرك الولايات المتحدة التي لديها قدرات قتالية أعلى بكثير من إسرائيل، ولكن واشنطن يبدو أنها غير راغبة في استخدامها، سواء فيما يتعلق بإيران أو سوريا، فعند ما كنت هناك منذ أسبوعين لم يتم الحديث بصورة كبيرة عن السياسات الداخلية، بالرغم من أن ذلك تغير قليلاً في نهاية الرحلة.
انهيار الإئتلاف الإسرائيلي
* هل الحكومة الائتلافية الجديدة بالفعل على وشك الانهيار؟
- هناك قضيتان هامتان، إحداهما المشكلة القديمة بشأن العدالة الاجتماعية والاقتصادية، التي أدت إلى تظاهرات عارمة في الصيف الماضي، وهذا الصيف كان أهدأ حتى قام أحد الأشخاص بحرق نفسه في تظاهرة يوم 14 يوليو، والآن السؤال إذا كان ذلك سيؤدي إلى تظاهرات كبرى مرة ثانية أو أن ذلك سيرى على أنه فعل لرجل مختل.
والقضية الثانية هي بشأن القانون الذي يعفي الطلاب المتدينيين المتشددين من الخدمة العسكرية، أو الخدمة البديلة. فقد صرحت المحكمة العليا الإسرائيلية أن ذلك يجب أن يتغير، وكان هناك نزاع بين شاؤول موفاز، زعيم حزب كاديما الذي انضم مؤخرًا للتحالف الحكومي، مع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء وزعيم حزب الليكود.
إعفاء المتشددين
* وما الذي حرك هذا الوضع المتعلق باليهود المتشددين؟
- عندما قاد موفاز كاديما لذلك التحالف، كانت القضية الأساسية التي قال إنها بحاجة إلى تحرك سريع هي الإعفاء الذي تم منحه لكافة اليهود المتشددين من الخدمة العسكرية، وغالبية الإسرائيليين، وبالطبع غالبية مؤيدي حزب كاديما، يرون أن ذلك غير عادل: لماذا لا يحمل هؤلاء الشباب جزءًا من عبء الدفاع عن البلاد؟ ودارت النقاشات حول عدد أو نسبة الشباب المتشدد غير المطالبين بأداء الخدمة العسكرية. موفاز كرئيس أركان سابق لجيش الدفاع الإسرائيلي لديه مشاعر قوية تجاه ذلك، وربما يشاركه بنيامين نتنياهو نفس الشعور، ولكن نتنياهو بحاجة إلى دعم الأحزاب الدينية، وهي لا توافق على ذلك، وقد فشلت الجهود لعقد صفقة ما بين موفاز ونتنياهو، لذا يبدو موفاز أنه ليس لديه اختيار آخر، فقد شعر أن نتنياهو وعده بشيء ولم يوف به.
* ماذا يعني انهيار الحكومة الائتلافية للمستقبل السياسي لإسرائيل؟ وهل ستكون هناك انتخابات مبكرة؟
- إن انسحاب كاديما من الائتلاف لن يسقط الحكومة، التي لا تزال تتمتع بالأغلبية، ولكن من المحتمل أن ذلك سيعني أن الانتخابات، والتي من المتوقع أن تتم في خريف 2013 سوف يتم تقديمها، فهناك حديث أنها ستكون في يناير أو فبراير القادمين، كما أنها ستضر أيضًا بسمعة كل من شاؤول موفاز وبنيامين نتنياهو، اللذين فشلا في الحفاظ على الائتلاف، وهذا سيجعل نتنياهو أكثر اعتمادًا على دعم الأحزاب الدينية. فانتخابات يناير ستعطي موفاز أشهراً قليلة كزعيم لحزب كاديما لتقوية نتائجه الهزيلة في استطلاعات الرأي.
ولكن الذي لا يزال مفقودًا هو المرشح البديل القوي الذي يمكن أن يهزم نتنياهو العام القادم، فالاستطلاعات في الأشهر القليلة الماضية دائمًا ما تجعله يفوز بإعادة انتخاب ضد كافة القادمين، وأشك أن ذلك سيتغير.
الأزمة السورية
* جاءت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى إسرائيل لأول مرة منذ عامين، فهل ترغب إسرائيل في رؤية الجيش الأمريكي يتورط بشكل ما في سوريا؟
- لا، إن ما يريدون رؤيته هو نهاية لأزمة سوريا، فقد ظلت تلك الأزمة تتفاقم لخمسة عشر شهرًا، ومن وجهة نظر إسرائيل أن من ضمن أسباب فشل الولايات المتحدة في فعل ما هو مطلوب يعود إلى أن أوباما عند ما دعا إلى رحيل الرئيس بشار الأسد منذ فترة تعود إلى صيف 2011، لم يتبع ذلك بنوع الفعل المطلوب، مثل تسليح وتمويل المعارضة السورية، مما كان سيسفر ربما عن إسقاط النظام، لذا فإن الأمور ظلت تتدهور، وهذا كان له أثر على تركيا ولبنان والأردن.
القادة الإسرائيليون يتساءلون: «ما الذي تفعله الولايات المتحدة؟ لماذا يبدو الأمريكيون لا يفعلون شيئًا؟ لماذا نطلق التصريحات والخطب بشأن سوريا ولكننا لا نقدم أي دور ريادي؟» لقد ظل الإسرائيليون لعدة سنوات سعداء بالاستقرار في سوريا في ظل نظام الأسد لأن هضبة الجولان الحدودية بين إسرائيل وسوريا كانت هادئة، وإسرائيل الآن ترى الحدود على أنها غير مستقرة. من وجهة نظرهم قدمت الولايات المتحدة خطوة المبادرة؛ فالعرب والأتراك كلهم يريدون سقوط النظام السوري، وكلهم سينضمون إلى الولايات المتحدة لزيادة الدعم للمعارضة. وكل تلك الدول توفر بعضا من الدعم، ولكن ما لا نملكه هو جهود متضامنة للتخلص من الأسد. الرؤية الإسرائيلية هي أن الولايات المتحدة وحدها هي التي تستطيع أن تقود مثل تلك الجهود، وأنها يجب أن تفعل ذلك وكان يجب عليها أن تتحرك مسبقًا.
النووي الإيراني
* ولكن السؤال الأهم لا يزال قائمًا: ماذا ستفعل إسرائيل بشأن برنامج إيران؟ هل إسرائيل أكثر قلقًا الآن بشأن إيران؟ أم أنهم لا يزالون يرغبون في السماح باستمرار المسار الدبلوماسي؟
- إنهم ليسوا أكثر قلقًا، إنهم تقريبًا استسلموا إلى الموقف الذي وجدوا أنفسهم فيه. أعتقد أنهم غير مستعدين لرؤية إيران تطور أسلحة نووية، إنهم يعلمون أن الولايات المتحدة ومجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية كلهم صرحوا أنهم يعارضون ذلك وأن ذلك لن يكون مسموحًا به. ولكنهم غير متأكدين إذا كنا (أمريكا) نعني ذلك. الإسرائيليون يرغبون في تأجيل اتخاذ القرار إلى أطول وقت ممكن، على أمل أن ينجح المسار الدبلوماسي بدعم من العقوبات، أو على أمل أن الولايات المتحدة في مرحلة ما تضرب البرنامج النووي الإيراني. هم يعلمون أن الولايات المتحدة لديها الكثير من القوة التي تمكنها من تطبيق ما تريده على أرض الواقع بعكس إسرائيل، كما أن إسرائيل ستعاني أيضًا من أي ضربة مضادة إيرانية، وبخاصة إذا ما قاموا بالضربة بدلاً من الولايات المتحدة. لذا فإنهم ليسوا شغوفين لضرب إيران، ولكن هناك رؤية في إسرائيل أنه في مرحلة ما فإن النافذة ستغلق ويجب عليهم أن يتخذوا قرارًا سريعًا. والسؤال الأهم ربما يكون: ما هي تلك المرحلة؟ منذ عام عند ما كان الناس يقولون إن اللحظة الحاسمة هي صيف 2012. من غير الواضح متى ستغلق تلك النافذة؟
إسرائيل وميت رومني
* إسرائيل هي أكثر بلد تتابع الانتخابات الأمريكية بشغف شديد، فكيف ينظرون إلى ميت رومني؟ هل يعرفونه جيدًا؟
- أنتم محقون أنهم بالفعل يتابعون الانتخابات عن كثب، فلقد سئلت من معظم الناس الذين تحدثت إليهم: «ما الذي يحدث؟ من الذي سيفوز؟ ما شكل سياسة الشرق الأوسط في حالة فوز أوباما؟» فهم لا يعرفون رومني جيدًا، ولم يكن على اتصال وثيق بالمسؤولين الإسرائيليين عبر تلك الفترة، لذا الإسرائيليون لديهم ملايين الأسئلة، وكما تعلمون أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن الرئيس أوباما لا يحظى بشعبية كبيرة في إسرائيل.
الحوار الفلسطيني الإسرائيلي
* ماذا عن الحوار الإسرائيلي الفلسطيني، الذي كان أكبر مبادرات أوباما عام 2009؟
- المدهش هو أننا كنا نناقش شؤون سوريا وإيران، وليس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والمدهش أيضًا عند حديثي إلى الإسرائيليين، وكذلك في حديثي مع الدبلوماسيين العرب، هو أنهم يريدون أن يتحدثوا عن سوريا وإيران ومصر في حين أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا نتطرق إليه، أو نتطرق إليه فقط في أواخر الحديث بصفة هامشية.
زيارة هيلاري كلينتون كانت الأولى لإسرائيل والضفة الغربية منذ عامين، وهو شيء غير عادي، فكوندوليزا رايس زارت إسرائيل كمستشارة للأمن القومي وكوزيرة للخارجية أكثر من عشرين مرة. وبعض من سابقيها أيضًا قاموا بنفس العدد من الزيارات إلى المنطقة، لذا من المدهش أن كلينتون لم تفعل مثلهم، وأنا لا أقول ذلك في صورة انتقادية، لأنني أعتقد أن هذا يعكس سياسة كل من جورج ميتشيل ودينيس روس من بعده، واللذين كانا كبار الدبلوماسيين في ذلك الصراع، فأعتقد أن ذلك نجم عن حكمها على الصراع بأنه لم يتحرك إلى أي مكان، وأنها ستضيع وقتها وأنها بحاجة إلى مخاطبة مشكلات عالمية أخرى. ومعظم الناس في إسرائيل ربما يتفقون على أن الموقف الإسرائيلي الفلسطيني لن يتغير إلا بعد الانتخابات الأمريكية وبعد أن يتم تطوير سياسة للتعامل معه سواء من الرئيس أوباما أو من الرئيس رومني.
ترقب وانتظار
* أعتقد أن الإسرائيليين في مرحلة الترقب والانتظار للانتخابات الرئاسية الأمريكية.. أليس كذلك؟
- كل من الإسرائيليين والفلسطينيين -مع احترامي للمواقف الإسرائيلية والفلسطينية- في حالة ترقب وانتظار، فلا شيء يستطيع الإسرائيليون أن يفعلوه في الحقيقة لسوريا، إنهم يتفرجون على الأمريكان والأتراك والعرب. وفيما يتعلق بمصر وسيناء، فإن الإسرائيليين في الواقع يفعلون شيئًا هامًا: إنهم يبنون جدارًا أمنيًا متقدمًا للغاية يفصل إسرائيل عن سيناء، في جهود لمنع كل من الهجرة غير الشرعية والتهريب، وكذلك لمنع الهجمات (الإرهابية).
كما أنهم في الوقت ذاته يحاولون منع أي نوع من المواجهة مع المسؤولين الأمنيين المصريين، لذا فيما يتعلق بمصر، فإنهم يترقبون ما ستسفر عنه حكومة مرسي الجديدة. وفيما يتعلق بالأمن في سيناء، فإنهم قادرون على التصرف بمفردهم وهم يفعلون ذلك بالفعل. أما فيما يتعلق بإيران، فإن الإسرائيليين بالفعل يترقبون وينتظرون، إلا إذا وصلوا إلى قناعة بأن النافذة تغلق سريعًا وأنهم بالفعل بحاجة إلى اتخاذ قرار للتحرك حتى قبل الانتخابات الأمريكية، وأعتقد أن ذلك لا يزال خيارًا متاحًا.
* * *
C.V
- تلقى إليوت أبرامز الذي ولد عام 1948 درجة البكالوريوس من جامعة هارفارد.
- حصل على درجة الماجيستير في العلاقات الدولية من كلية الاقتصاد بجامعة لندن وحصل على درجة الدكتوراه في القانون من جامعة هارفارد.
- أول ظهور لأبرامز على الساحة الوطنية كان في 1980 عند ما عمل كمساعد لوزير الخارجية لشؤون حقوق الإنسان في إدارة رونالد ريجان في أوائل الثمانينيات ثم بعد ذلك كمساعد لوزير الشؤون الأمريكتين.
- في 30 يونيو 1987 طلبت وزارة الخارجية الإطاحة بديكتاتور بنما مانويل نوريجا، وكان أبرامز حينئذ مساعد وزير لشؤون الأمريكتين، وهو الذي أعلن ذلك.
- بعد ما غادر ريجان الرئاسة عام 1989، لم يتم دعوة أبرامز، مثل العديد من الشخصيات البارزة الأخرى من المحافظين الجدد، للخدمة في إدارة جورج بوش الأب، لكن في المقابل عمل لعدد من المراكز البحثية ثم أصبح في النهاية رئيسًا لمركز الأخلاقيات والسياسة العامة، حيث كتب بتوسع عن قضايا السياسة الخارجية، بما في ذلك شؤون الشرق الأوسط كما ظل أيضًا جزءًا أصيلاً من الدائرة الضيقة لمجتمع السياسة الخارجية للمحافظين الجدد في واشنطن، والتي تمحورت حول واحد من أكبر أساتذته، ريتشارد بيرل والسفير السابق لدى الأمم المتحدة جين كيركباتريك في معهد إنتربرايز الأمريكي.
- تورط أبرامز في 1991 بشكل مكثف في فضيحة إيران كونترا وتمت إدانته لإعطائه شهادة مضللة بشأن دوره في منظومة جمع التبرعات غير الشرعية، وذلك على يد القاضي الخاص الذي كان مسؤولا عن القضية، ولكنه اعترف بذنبه في جريمتين أقل حجمًا بحجب معلومات عن الكونجرس من أجل أن يتجنب المحاكمة وقضاء عقوبة سجن.
- عفا عنه الرئيس بوش الأب مع عدد من متهمي قضية إيران كنترا الآخرين في عشية كريسماس 1992.
- نشر أبرامز كتابه «الإيمان والخوف»، والذي حذر فيه اليهود الأمريكيين بأن الانصهار داخل الثقافة الأمريكية العلمانية يمثل خطر الفقدان التدريجي للهوية اليهودية.
- أصبح أبرامز عضوًا في العمل الطموح «مشروع القرن الأمريكي الجديد» للمحافظين الجدد، وكان واحدًا من الموقعين في 26 يناير 1998 على خطاب المشروع الذي تم إرساله إلى الرئيس بيل كلينتون يدعون فيه إلى تغيير النظام في العراق. ويرى منتقدو إدارة بوش على أن ذلك الخطاب هو دليل على أن حرب الخليج الثانية تم الإعداد لها سلفًا.
- تم تعيين أبرامز في وظيفة المساعد الخاص للرئيس وكبير مديري مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأدنى وشمال إفريقيا في 2 ديسمبر 2002.
- في 2 فبراير 2005 عينه بوش كمساعد لمستشار الأمن القومي.
نقلا عن موقع (مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي)