تأملوا هذا الرقم: كل سنة في أمريكا يصاب 200 ألف شخص بتسمم غذائي، وبعضهم يموت. لماذا؟ بسبب الطعام السريع. هذه من الحقائق المخيفة في كتاب «أمة الطعام السريع» الذي نشر أسرار هذه المطاعم.

الأرقام الحقيقية أكبر من هذا بكثير جداً حسب كلام مركز مكافحة الأمراض (وهي وكالة حكومية أمريكية)، لأن أكثر الناس لا يذهبون للمستشفيات عند التسمم، ومن جربه فسيعرف الأعراض القاسية التي تحصل في البداية: إسهال، غثيان، قيء. لكن إذا ذهَبَت تلك الأعراض فلا يعني هذا ان التسمم اختفى، بل المزعج أن الدراسات وجدت أن التسممات كثيراً ما يكون لها أعراض طويلة المدى بعضها خطير مثل أمراض القلب، مشاكل المخ، ضرر المناعة، دمار الكلية، وغيرها. طريقة إعداد الطعام السريع هي البيئة المثالية لانتشار هذه الأمراض الخطيرة، فدراسة شاملة أجرتها وزارة الزراعة الأمريكية عام 1996م وجدت أن عُشر اللحم البقري المُعَد للمطاعم السريعة يحوي بكتيريا ليستريا، والثلث يحتوي عدوى العنقودية الذهبية، وأكثر من النصف يحوي بكتيريا تسبب إسهالاً وألماً شديداً.

قرابة 80% من اللحم البقري حوى ميكروبات تنتشر عبر الفضلات. في الثمانينيات أصيب بعض الأطفال بمرض «إي كولاي» من مطعم سريع شهير ذي شعار أحمر وأصفر، وحصل نفس الشيء في مطاعم أخرى، ومات بعضهم بسبب هذا المرض، منهم الطفلة لورين ابنة الستة أعوام التي أصيبت بألم عنيف ثم 3 أزمات قلبية و توفيت في ذراعي والدتها. ما هو هذا المرض المخيف؟ عندما تتناول لحماً فاسداً من أحد المطاعم السريعة فإن بكتيريا إي كولاي تدخل لجسمك و تفرز سماً يهاجم جدران الأمعاء فتتمزق. المرض أيضاً يسبب الفشل الكلوي والنزيف الداخلي والصرع ودمار المخ والجلطة. 5% من الأطفال الذين يصابون بهذا المرض يموتون من هذه الأعراض، ومن يعيشون يصبحون عمياناً أو أصحاب عاهات عقلية، والمرض أشد وطأة على الأطفال والمسنين وذوي المناعة الضعيفة. بكتيريا إي كولاي لا ينفع معها المضاد الحيوي. هذه البكتيريا تقاوم الأحماض والأملاح والكلورين وهي مواد تقتل الكثير من الجراثيم. إنها تعيش في المياه المالحة والعذبة كليهما، انتقالها سهل جداً وقتلها صعب جداً، فالتجميد لا يقتلها، وتستطيع أن تعيش أياماً على أسطح المطابخ وأسابيع في الأجواء الرطبة. الحرارة لا تقتلها إلا إذا تجاوزت 71 درجة. وبينما بعض الميكروبات تتطلب منك أن تأكل كميات كبيرة فإن إي كولاي يكفيها أن تتناول قطيعة صغيرة جداً من اللحم غير المطبوخ لتقتلك. وإذا أصيب بها شخص انتقلت لغيره بسهولة. الأبقار في تلك المزارع تعيش محشورة متقاربة وتمشي في برازها، وهكذا ينتشر بينها المرض ومن ثم إلى البشر. الشركة ذات الشعار الأصفر والأحمر تعاونت سراً مع الحكومة الأمريكية واكتشفوا جميعاً إي كولاي في لحومهم، أما علناً فنفوا الأمر تماماً وأنكروه، والقانون الأمريكي يسمح بذلك لأنه يتعاطف مع الشركات.

حيوانات المطاعم السريعة تعيش في أقذر بيئات وبلا ضوابط صحية. كانوا يطعمون أبقارهم جيف الكلاب والقطط وحتى البقر وهذا ما نشر مرض جنون البقر، إلى أن منعت الحكومة الأمريكية هذا الشيء...فقط في عام 1997م! لكن إلى اليوم وهم يسمحون لهم أن يغذوا أبقارهم جيف الخيول والدجاج وحتى الخنازير. ولا تظنوا الدجاج بديلاً آمناً في المطاعم السريعة، ذلك أنهم أحياناً يضيفون اللحم البقري للدجاج لتحسين طعمه، بل إن القوانين الأمريكية تسمح للشركات أن تطعم دجاجها جيف البقر!

أيكفي هذا؟ إليكم المزيد: إنهم لا يكتفون بإطعام حيواناتهم الجيف الميتة (وهي كائنات أصلاً لا يفترض أن تأكل اللحوم فمعدتها غير مؤهلة لهضمها)، وإنما حتى النفايات، فالأبقار يجعلونها تأكل نشارة الخشب والصحف القديمة، بل إن هؤلاء معدومي الضمير يجعلون أبقارهم تأكل براز الدجاج كما نشرت مجلة الطب الوقائي عام 1995م! وهو ما يحوي السالمونيلا والبكتيريا الملتوية والدودة الشريطية ومخلفات المضادات الحيوية والزرنيخ والحديد. كل هذا يدخل في دورة الطعام التي تأكلون منها! سألت بعض المطاعم السريعة في بلادنا وقالوا: إنهم يشترون اللحم من تجار محليين، ولكن اكتشفت أن عدداً من التجار المحليين هؤلاء يستوردون اللحم من أمريكا.

هذا غيض من فيض، والخافي أعظم، وسنناقش المزيد من هذه الأهوال إن شاء الله مستقبلاً، كفانا الله وإياكم شرهم.