عنوان المقال استقيه من الآية من سورة البقرة لاستفتح به قصة عجيبة قد لا تصدق، ولولا أنني أثق في صدق صاحبها لما صدقته!
يحكي أنه قبل عشرين عاماً تعرض إلى انتكاسة في دراسته الجامعية بسبب موقف متشدد لأستاذ جامعي، كان في نقطة فاصلة في حياته إما أن يترك
الجامعة ويبحث له عند درب آخر لمستقبله التعليمي أو المهني أو أن يقيض الله له من يساعده، وهو ما كان حيث تلقفه أستاذ آخر وساعده حسب النظام، وأفهمه أن ما قام به هو حق مشروع له وأن ما قام به كأستاذ هو واجب مهني وأخلاقي.
تخرج من الجامعة وتقابل مع أستاذه في مكان عام وكرر له عرفانه وأنه لن ينسى جميله أبداً، وأعاد الأستاذ تأكيده بأن ما قام به هو الواجب الملقى على عاتقه تجاه طلبته، وأنه حقيقة لم يتفضل عليه بمعروف.
بعد هذا اللقاء ببضعة أشهر توفي هذا الأستاذ وقرأ نعيه في الصحف، شعر بأنه فقد قريب له، وظل يدعو له بالرحمة والغفران منذ ذلك الحين بعد كل صلاة مكتوبة ولا يزال يواظب على ذلك.
قلت له: هل ما فعله الأستاذ معك يستحق أن تدعي له بالرحمة بعد كل صلاة؟ أجابني: أعلم أن ما قام به الأستاذ معي من مساعدة قد قام بمثلها لطلبة آخرين مثلي لأنه مثل الشجرة المثمرة تعطي ولا تبخل.. لكن ما أثر بي هو قدرته على تهوين الأمر لدي وكلماته الطيبة التي أعطتني حافزاً لإكمال مشواري التعليمي.. ربما هو لا يعلم أثر ما صنعه بي.. لكنني أعرف أنه لولا لطف الله بي ثم مساعدة هذا الأستاذ الطيب لكان مستقبلي الذي هو حاضري الآن قد يكون مختلفاً جداً!
الفرق بيني وبين أستاذي عميق جداً.. هو أعطى دون أن ينتظر مقابل.. وأنا فقط أجازيه وأحاول لكنني لا أستطيع أن أكون مثله.
Tmadi777@hotmail.com