سئل رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة لوقتها»، قال: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين»، قال: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله». وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الوالد(الوالدة) أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فاصنع ذلك الباب أو احفظه».
والحديث عن أفضال البر بالوالدين وفوائدها كثيرة ولا تعد أو تحصى. ومن القصص والحكايات والأحداث الواقعية التي تحضرني عن أبناء وبنات احترموا وقدروا وأخلصوا لآبائهم وأمهاتهم كثيرة هي الأخرى، ومنها هذه القصة الإنسانية والواقعية التي حدثت قبل أسابيع فقط وأثناء الاختبارات الدراسية، وكان بطلها ابن الجيران الطيب الودود الذي يكن إلى أسرته الحب والوفاء. كان أنور يستعد إلى الاختبار النهائي في كلية الطب جامعة الملك سعود، وكانت المادة من المواد العلمية الصعبة والتي تحتاج إلى جهد ووقت كافٍ وهذا هو بيت القصيد، فقد كان والد أنور مريضا طوال فترة الاختبارات وكان أنور مرافقا لوالده إلا أنه لم يترك مراجعته، وفي تلك الليلة اشتد مرض والده وقال لابنه: «أنا آسف ياابني لن أتمكن من تحمل ألم القلب، وعليك نقلي للمستشفى حالا». فأسرع أنور بنقل والده إلى أقرب مستشفى وكتابه في يده، وبعد الكشوفات والتحاليل قال له الدكتور: «والدك تعبان ولا بد أن يبقى في المستشفى لإجراء مزيد من الفحوصات والتحاليل والعلاج والملاحظة. جلس أنور مع والده في المستشفى وكان والده متعبا جدا ولم يكن هناك متسع من الوقت للمذاكرة وقد بلغت الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل، فأخبرني أنور قائلا: «أحسست أني بالفعل متعب جدا وأريد قسطا من الراحة خاصة وأن والدي قد استسلم للنوم، فنمت بقرب والدي بعد أن (وقت) منبه الجوال على آذان صلاة الفجر فاستيقظت للصلاة وبعد الصلاة بدأت في إكمال المذاكرة التي لم أنهي منها الربع، فأدركت أن الوقت يداهمني، ولدي موعد الاختبار بعد نصف ساعة، قبلت رأس والدي ويده وقلت له: «ادع الله لي بالتوفيق والنجاح. فرفع والدي يديه إلى السماء ودعا لي بالنجاح والتوفيق قائلا: «اللهم وفق ابني أنور ونجحه». بعدها ذهبت إلى الجامعة ووصلت قاعة الاختبارات والدكتور يوزع أوراق الاختبار وكان عدد الأسئلة (خمسون سؤالا). وسمعت وأنا أجيب على الأسئلة صوت والدي وهو يدعو: «اللهم وفق ابني أنور ونجحه» وكأن نورا نزل علي وساعدني في حل جميع الأسئلة والتي أنهيتها قبل انتهاء الوقت بنصف ساعة، فطلب مني الدكتور أن أراجعها ولدي الوقت، ولكن كان الصوت يقول لي: «أشكر ربك عز وجل أن استجاب دعوة والدك». قام الأستاذ بتصحيح ورقتي وقال لي وهو يبتسم: «برافو ياأنور علامة كاملة». خرجت من الجامعة وكلي سرور فاتصلت بوالدي في المستشفى لأبشره وإذا به يبشرني قائلا: «أناخير ياأنور وانتظرك للخروج.. تعال خذني للمنزل».
هذه قصة واقعية علينا جميعا أن نؤمن أن الله يكرم من يكرم والديه!
farlimit@farlimit.comالرياض