كتبت في هذه الجريدة مقالات كثيرة، سلّطني الله من خلالها على طاغية ليبيا، حتى أراح الله منه البلاد والعباد، ثم عاد السيناريو نفسه مع الطاغية بشار، فهذا المقال في عداد مقالاتي المتواصلة، التي أشن من خلالها حملة على هذا المجرم، تعاطفاً مع إخواننا في هذا القطر العزيز، ونصرة لقضيتهم العادلة أحتسب فيها الأجر إن شاء الله، ما علينا، لنكون مع هذا المقال والرزق على الله، المثل جملة مفيدة موجزة متوارثة شفاهةً من جيلٍ إلى جيل، وهو رسالة تعبيرية مختصرة جداً لا تخلو من الطرافة والنكتة، وأمثال الجزيرة العربية الشعبية، حاضرة في المشهد المحلي لكل مجتمع، لها دلالتها الواضحة، عنوان هذا المقال، كثيراً ما أسمعه على لسان (أم أحمد الزلفاوية المبدعة) عندما تسخر مني وتعيرني وأنا صابر محتسب، هذا المثل، مثل شعبي يمني وأظنه (حضرمي) أجده ينطبق على كثير من الحالات المختلفة في عصرنا الحاضر، إن شئت فقل في الحالات السياسية الحاضرة في المشهد العربي، وما أكثرها في هذا العام، الذي يصح لي أن أطلق عليه (عام المجازر) كما قبله (عام سقوط الطغاة) وهو أحد مقالاتي السابقة بمناسبة سقوط مجنون ليبيا، وإن شئت قلت في الحالات الاجتماعية من خلال القضايا محل الشد والجذب، كل هذه قضايا حالات مضحوك علينا من خلالها تحت ذرائع مقلوبة، نخشى من عواقبها إن لم يتم تداركها، كل من خلف هذه القضايا، هو بقرة من البقرات الصفراء، التي جدّها واحد هو (الإنسان الظالم والفاسد) لا غير، كما أنّ جد البقر ثور، وجدّ الماعز تيس، هذا باختصار، لكن - يا جماعة الربع - لو أخذنا لفة سريعة على عالمنا العربي والإسلامي الذي يشهد هذا العام والذي قبله، اضطرابات مؤلمة للشعوب العربية والإسلامية، قتل وتدمير وخراب وإهلاك للحرث والنسل، يا ترى من وراء هذه المصائب؟ إنها أنظمة ظالمة وفاسدة، تسير على خطى أجدادها، تركت حقبات، تسرح وتمرح تحميها قوى خارجية مستفيدة، كلها أيضاً كما قلت تمثل بقرات، جدّها واحد في البدء، هو الثور الأمريكي الذي يعلفها وهو يسعى في الأرض الفساد تحت ستار الحرية والديمقراطية المزيّفتين في حقبة انفرد فيها، خرب الديار الأفغانية والعراقية والفلسطينية من قبل، يشاركه الآن الدب الروسي، ارتمت هذه الأنظمة العربية القمعية الفاسدة التي تمثل بنفسها البقرات، في أحضان الدب الروسي الأصمخ والثور الأمريكي الهائج، فاختل توازن الاثنين أمام هذه البقرات - الأنظم- التي اختل توازنها هي الأخرى، وطفقت تبطش دون هوادة، كما حالة البقر عندما يطارد، تجده يسير بعنفوانية غير مبرمجة، يمنة ويسرة دون توازن، يدهس من أمامه، في سوريا اليوم حرب متفجّرة، ضحيتها الشعب السوري الشقيق، الذي يودّع يومياً ما لا يقل عن مائة شهيد من أبنائه ما بين طفل وشيخ وامرأة وشاب، ليس له ذنب غير أنه يبحث عن لقمة عيشه التي سرقها النظام، الذي وجّه أعتى وأعنف الأسلحة لصدور مواطنيه، دبابات وطائرات ومدافع وجّهت نيرانها إلى المواطن الأعزل، الذي ظن أنّ النظام البعثي، يجمعها للعدو الحقيقي لسوريا، لكنه ضحك على أبناء البلد وطفق يقتلهم دون أدنى شفقة أو رحمة، القضية السورية أخذت مساراً آخر، عندما استقوى النظام بأطراف أخرى هي (الدب الروسي) و(التنين الصيني) هذان الجدّان أجّجا الصراع بتزويد النظام أنواع الأسلحة وكافة ألوان الدعم اللوجستي، ومعهما إيران المجوسية الثورية الطبع، النظام السوري البعثي وجد في الطائفية ضالته ليلعب على وترها مع أسياده الروس والصينيين وأصحاب العمائم، يوم أن خوّفهم من أهل السنّة، يريد أن ينقل المعركة إلى البلدان المجاورة، لعلّ وعسى أن تساهم في تخفيف الضغط عليه، الروس يسعون إلى مقايضات على حساب دماء الشعب السوري، الذي فقد ما يزهو على الثلاثين ألف قتيل غير المصابين والمشرّدين، والغرب الخائن ومجلس الخوف التعيس، يقفان موقف المتفرّج، مكتفيين بلغة الشّجب على استحياء، مع أنّ هذه اللغة لم يَعُد لها حضور أمام مجزرتيْ (الحولة والقبير) اللتين تُعَدّان من أبشع وأروع ما شهده هذا العصر، لك الله يا سوريا العروبة، لك الله أيها الشعب الأبي، لك الله يا أمّتنا العربية المكلومة، كيف نشاهد بقعة حضارية من أعزّ بقاعنا العربية، خرج من رحمها العلماء وهي تحتضر، ولا يزال الصمت شعارنا، إلاّ من شخصية تحترق ألماً، خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، يوم أن ارتفع صوته مطالباً النظام السوري بالكف عن هذه المجازر، لكن اليد الواحدة لا تصفّق كما في المثل، عودة لعنوان المقال، ولنقولها صراحة، الأنظمة العربية الحاكمة التي تشهد ثورات عارمة، منها من دفع الثمن ومنها من يحتضر! وهي بمجملها بقرات جدّها ثور، ولكي نتكيّف مع واقع الحال، نقول جدّ البقرة النصيرية دب روسي أصمخ، والله يمهل ولا يهمل، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً، نسأل اله اللطف بإخواننا في سوريا ... ودمتم بخير.
dr-al-jwair@hotmail.com