«يوميات مبتعثة»
فاصلة:
(( نحن لا نضلّ الطريق أبداً إلاّ عندما نعتقد أننا نعرف الطريق ))
«حكمة صينية»
تفاجأت وأنا اقرأ رأياً لأحد المبتعثين في إحدى الدول الغربية ينتقد فيها الملحق الثقافي كونه تساءل عن غياب المبتعث في إحدى المناسبات، ووصف الطالب تساؤل الملحق الثقافي بأنه دليل على مشروع التغريب الذي يستهدفه الابتعاث!
لا أستطيع إلاّ أن أتعجّب بالفعل مما قاله المبتعث، فإذا كان مقتنعاً بأنّ أهداف الملحقيات التي هي تابعة لوزارة التعليم العالي المسئولة عن تنفيذ مشروع الابتعاث الخارجي تغريبية، فلماذا هو باقٍ يشارك في هذا الهدف، أم أنه يعتقد أنّ بإمكانه الدراسة ومحاربة المشروع التغريبي في آن واحد ؟
وكيف لطالب يعيش في بلاد الغرب حيث الانفتاح على الثقافات المختلفة وفي زمن المعلوماتية، ألاّ يكون قد قرأ عن مفهوم التغريب بشكل عام ؟
هل يعقل أن يصل تفكير الطالب الشاب إلى أنّ اجتماع طالبات وطلاب في حفل رسمي بإشراف رسمي يعتبر مشروعاً تغريبياً ؟!
مثل هذا الطالب كيف يعيش في بلاد الغرب وسط ثقافة مختلفة تماماً عن ثقافته ؟ وكيف له أن يحافظ على ثقافته الصحيحة الخالية من شوائب الأعراف البالية والمتماثلة مع دينه وسط إيمانه بنظرية المؤامرة ؟
بعض الطلاب المبتعثين في الخارج يحتاجون بالفعل إلى من يناقشهم في أفكارهم، ويوضح لهم بعض المفاهيم والتصنيفات التي تُطلق جزافاً ويتعايشون معها دون فهم وإدراك لحقيقة معناها.
ليبرالية.. علمانية.. تغريب ومفاهيم أخرى عدّة لا يمكن لنا أن نتعاطاها بيقين دون إدراك لمفهومها العام قبلاً ثم فهم المصطلح، كما هو دون توقع وجوده لمجرّد حكمنا الشخصي على بعض الأحداث والوقائع.
والسؤال المهم لماذا ننشغل نحن الطلبة المبتعثون بنظرية المؤامرة أو التغريب، لماذا لا نلتفت إلى أن لدينا فرصة جيدة للتعريف بديننا من خلال سلوكياتنا وتعاملاتنا في الجامعة والشارع ومسكننا، فما أجمل أن يجد الإنسان فرصة للحديث للآخرين عن سماحة دينه وعظمته.
أما أن ينشغل تفكيرنا بأنّ الآخر منشغل فقط بديننا ومحاربته، فهي فكرة لا تصلح لأن يتعاطاها طالب مبتعث يدرس العلم، وعلينا أن نكون أكثر ثقة بديننا أكمل الأديان وبأننا نحتاج نحن إلى التمسك بثوابته وليس الانشغال بما يصنع الآخر به.
nahedsb@hotmail.com