|
عبدالله بن حمد الحقيل:
أصدرت مكتبة الملك عبدالعزيز بالرياض هذا الكتاب في سنة 1416هـ وذلك بمناسبة معرض المؤلفات النادرة عن المملكة العربية السعودية، الذي أقيم مؤخراً في الرياض؛ وقد اشتمل هذا الكتاب على المؤلفات النادرة عن المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية، ويحتوي على كتب مختارة من معرض المؤلفات النادرة وهي كتب نادرة، حيث لم تعد في متناول القراء وتضمن كتباً تمثل النواحي التاريخية والرحلات المؤرخة لهذه البلاد، وكذا الكتب الجغرافية والدعوية والإنسانية في ما يخص المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية، وفي القسم الأول عرض لأهم المؤلفات عن تاريخ المملكة العربية السعودية والملك عبدالعزيز الذي جذب اهتمام المؤرخين والرحالة والكتّاب بسبب ما قدمه من جهود كبيرة وتأسيس دولة شامخة مستقرة.. وقد عبر هؤلاء عن إعجابهم الشديد لشخصيته وحكمته وقدرته السياسية، فقد ظهر في حقبة تاريخية مليئة بالمشاق، فكان هو الرجل القوي الحكيم الموحد المطبق للشريعة، الممسك بمنهج كامل للإصلاح، فلقد سعى وكافح وناضل حتى أقام هذا الكيان الراسخ الذي هو موئل مقدسات المسلمين ومهد الرسالة ومنبت العروبة.
ولقد جذبت شخصيته الكثير من المؤرخين الذين أجمعوا على أنها شخصية متعددة الجوانب متعددة المزايا، ولقد دونوا ذلك في مؤلفات عدة، ولهذه الكتب والشهادات العربية والأجنبية مكانتها وقيمتها، ولقد ركزت هذه المؤلفات عن تاريخ الملك عبدالعزيز وجليل الأعمال التي قام بها والجهود العظيمة التي بذلها من أجل تأسيس المملكة، وإرساء قواعدها ونشر العلم وخدمة العقيدة والدعوة.
لقد اشتمل القسم الأول على التدوين التاريخي للدولة السعودية والجزيرة العربية من حيث الجغرافية التاريخية والتراجم والأنساب والتاريخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ويشمل التدوين التاريخي كذلك شخصية الملك عبدالعزيز وحياته وسياسته وأعماله الكبيرة المتعددة.
أما القسم الثاني فيتطرق بالعرض والمناقشة التاريخية لنوعين من المؤلفات النادرة التي تؤرخ لهذه البلاد وتصف السكان وأنشطتهم أو تتحدث عن أهم المراكز الدينية، وهذان النوعان هما: كتب الرحلات وتشمل أغلب ما سجله ونشره الرحالة العرب والمسلمون والغربيون عن الجزيرة العربية والمملكة العربية السعودية في خصوصها، وقد أصبح معظم تلك الكتب في حكم النادر لتقادم الزمن على تاريخ نشرها أو زمن وقوع الرحلة، وفي تلك الكتب يجد القارئ معلومات وتحليلات ذات أهمية بالغة لتاريخ هذه البلاد وجغرافيتها، ولسكانها ومناحي نشاطهم.
والنوع الثاني: هي الكتب والمؤلفات التي تتعرض للحرمين الشريفين وكل ما يتعلق بهما وتاريخهما وعن الحج ومناسكه، وعن العمرة، ومعظمها جاء على شكل كتب رحلات الحج، وإن كانت تختلف عن كتب الرحلات المعروفة.
ويتحدث القسم الثالث عن كتب الدعوة السلفية منذ وصول الشيخ محمد بن عبدالوهاب إلى الدرعية سنة 1157هـ، ذلك أن علماء الدعوة منذ ذلك الوقت إلى وقتنا الحاضر يؤلفون في بيان حقيقة الدعوة وأصولها ومنهجها بالدليل والبرهان وإحياء فكر السلف الصالح وعلومهم في مختلف المجالات.. كما يتحدث هذا القسم أيضاً عن قيام الملك عبدالعزيز بطباعة وتوزيع ما يربو على مائة عنوان بالمجان من كتب تم شراؤها من أمهات الكتب والمراجع في العلوم العربية والتاريخية ودلالته، ولعل خير الدين الزركلي في كتابه (الوجيز في سيرة الملك عبدالعزيز) قد أفرد باباً تحدث فيه عن اهتمام الملك عبدالعزيز بنشر الكتب وطباعتها وعنايته بكتب السلف، ومساعدته لناشري الكتب، كما أن دليل المؤلفات السعودية يورد بياناً باثنين وسبعين كتاباً تمثل بعض ما نشره الملك عبدالعزيز -رحمه الله- على نفقته ولكنه ظل أيضاً غير شامل لكل ما نشره الملك عبدالعزيز، وقد أشار الزركلي إلى أنه طبعت على نفقة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- كتب كثيرة لم يذكر عليها اسمه إلا أنه ورد على بعض مطبوعاته في الهند أنها طبعت على نفقة من قصده الثواب من رب الأرباب، وهذا يدل على أن هناك كتباً طبعت على حسابه في الهند.
ويوجد في نهاية كل قسم من الأقسام الثلاثة عرض لأهم الكتب النادرة المنتخبة حيث يتم ذكر عنوان الكتاب مع اسم مؤلفه ثم ملخص لما يتعرض له من معلومات أو تحليلات تهم هذه المنطقة وإشارات بسيطة عن مؤلف الكتاب كما تضمن لكتاب بعض الصور لبعض صفحات العناوين مما يعبر عن الكتاب أو يرصد حدثاً معيناً، ولقد بلغ عدد صفحات هذا الكتاب 205 صفحات، وإن المتتبع لما كتبه الرحالة والمؤرخون من غربيين ومسلمين يجد كماً هائلاً من المعلومات والملاحظات والتحليل، ولقد لعبت تلك الكتابات والأبحاث دوراً في تاريخ هذه المنطقة وجغرافيتها ولقد كان لموقع الجزيرة العربية والمملكة العربية السعودية أثر في العناية والاهتمام من جانب الأوروبيين القدامى حيث بدأ اهتمامهم وزيارتهم لها منذ القرن الخامس عشر الميلادي، وكان لتلك الرحلات أهداف متنوعة كما جاءت كتاباتهم متباينة من حيث الالتزام بالموضوعية والحياد وما اشتملت عليه من معلومات وانطباعات، وما زالت تلك الكتابات موضع اهتام الباحثين والمؤرخين وقد ترجم قسم كبير من تلك الرحلات والدراسات التاريخية إلى العربية.
وبالجملة فإن المملكة العربية السعودية ومؤسسها الملك عبدالعزيز وأدواره القيادية الرائدة جديرة بالاهتمام، حيث نذر نفسه لخدمة المبادئ السامية والتي استغرقت حوالي ربع قرن من الكفاح المستمر.
حيث استطاع بتوفيق الله ثم بما كان له من صفات قيادية، توحيد البلاد وإعادة مجدها المبني على دعائم الإسلام الخالد والالتزام بمنهاج الشريعة نظرية وتطبيقاً وتحققت الآمال في كيان حقيقي صلب قام على وحدة القلوب والمشاعر بكل ما تحمله هذه الكلمة من قيم ومعان.
وفي الختام نحيي مكتبة الملك عبدالعزيز العامة على إنجاز هذا العمل والذي هو استجلاء لمعالم تاريخ الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- والمملكة العربية السعودية من خلال ما كتب من مؤلفات وأوائل مطبوعات تؤرخ وتوثق لتاريخ بلادنا انطلاقاً من أهمية هذه المصادر في الكشف عن المزيد من جوانب هذه الفترة التاريخية الهامة، وهي إضافة جديدة إلى المكتبة العربية عامة ودراسات تاريخ الجزيرة العربية والمملكة العربية السعودية خاصة.
كما أحيي المؤلفين الدكاترة فهد السماري وعبدالله العسكر وعبداللطيف الحميد على ما بذلوه من جهد في هذا الكتاب التاريخي المفيد.