التطوع يتضمن جهوداً إنسانية تبذل من أفراد المجتمع بصورة فردية أو اجتماعية، وهو دافع أساسي من دوافع التنمية، ودليل على استعداد أفراده للتفاني والتضحية من واقع الشعور بالمسؤولية الاجتماعية، لكن مازال مفهوم التطوع على المستوى العربي والمحلي بحاجة لتنظيم أقوى وإلى مزيد من العمل من قبل الاتحاد العربي للعمل التطوعي، وأن يكون لهذا الاتحاد مراكز منتشرة في جميع الدول العربية بهدف تشجيع الإقبال على التطوع وتعديل النظرة الاجتماعية لهذا العمل الإنساني بالدرجة الأولى خاصة لدى فئة الشباب الذين تهدر طاقاتهم في أوجه مختلفة من البرامج الترفيهية التي قد لا تعود لبنائهم الفكري والشخصي بفائدة تذكر! وما تضمنه برنامج “خواطر 8” لهذا العام من مشاهد تطوعية إنسانية لخدمة شعوب فقيرة لإنجاز يفتخر به بحق مسيرة العمل التطوعي على المستوى العربي والمحلي أيضاً، لأنه ينقل لنا حالات ذات ظروف خاصة تنتظر من ينتشلها من وحلّ الفقر والحاجة على الرغم من مقاومتها لذلك بالتسلح بالعلم والإرادة لكن تنقصها خدمات ضرورية تحافظ على إنسانيتها وتشعرها بقيمة الحياة! والرائع في فكرة البرنامج لهذا العام أيضاً بأنه ينقل لنا معاناة دول غير مسلمة ومسلمة، ولذلك استطاع من خلال رسالته الإنسانية تجسيد قيمة التطوع في الإسلام مما يساهم في تصحيح نظرة تلك الدول للإسلام والمسلمين، لأن الإيمان الذي يدعو إليه الدين الإسلامي ليس إيماناً ذهنياً مجرداً ولا إيماناً خاملاً سلبياً، لذلك القرآن يقرن دائماً الإيمان بالعمل الصالح، والآيات الدالة على ذلك كثيرة كقوله تعالى: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات)، والتي تتكرر دائماً في القرآن حيث ذكر العمل الصالح بالقرآن قريباً مائة مرة ويدعو له ويرغّب به ويحث عليه، فالعمل التطوعي بلا شك جانب مهم وأساسي من العمل الصالح، لأن صاحبه يقوم به من تلقاء نفسه وباختياره، والآيات التي تدل على أهمية التطوع في ديننا الإسلامي كثيرة كمثال (فمن تطوع خيرا فهو خير له...) البقرة 184، والمواقف التطوعية في عهد رسولنا الكريم عظيمة أيضاً ولا حصر لها مثل بناء المساجد وحفر الخندق وإنفاق المال في تجهيز الجيش، وكان دور الأغنياء بارزا كعثمان وطلحة وعبدالرحمن بن عوف في دعم العمل التطوعي بمالهم والأمثلة كثيرة على ذلك، وفي وقتنا الحاضر السبل ولله الحمد ميسرة لنا للدخول في هذا المجال بكل القابلية، لكن مازال الكثير يجهل آليات التطوع ولمبادرة في مجال العمل التطوعي وخاصة فئة الشباب الذين بحاجة لتوجيه طاقاتهم المهدرة فيما يعود عليهم وعلى وطنهم بالنفع، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال دعم مفهوم العمل التطوعي من خلال المناهج الدراسية وترجمته إلى مشاهدات يومية تساهم فعلاً في ترجمة قيمة العمل التطوعي في ديننا الإسلامي والتي بلا شك سيكون لها دورها الفاعل في الحدّ من مشكلات أسرية وانحرافات أخلاقية يتعرض لها الشباب بسبب مشكلتي الفراغ والفقر.
moudy_z@hotmail.com - moudyahrani@ تويترhttp://www.facebook.com/groups/381099648591625/