ثلاث مشكلات خطرة جدا تواجه شبابنا وترتبط ببعضها بروابط وثيقة، وهي مشكلات من صنع الشباب وبمشاركة من ضعاف النفوس والباحثين عن الكسب المادي والجسدي. هذا الثالوث اللعين والفتاك “التفحيط والمخدرات والفساد الأخلاقي”. لا يكاد ينفك عن بعضه في أي مهرجان استعراضي بالسيارات للشباب المراهقين، وتدور خلف الكواليس أحداث قد لا ترى بالعين المجردة للعابرين والأشخاص العاديين وإنما يدركها العارفون ببواطن الأمور وأهل الخبرة.
أغلب حفلات التفحيط يحضرها المئات من الشباب الصغار للفرجة والمشاهدة انبهاراً بالعروض الجنونية ولا تخل من ترابط هذا الثالوث، فتجار المخدرات يتواجدون لترويج بضائعهم المسمومة بين الزبائن الحاضرين، ويستغلون بخبث انشغال الناس بمشاهدة الحركات البهلوانية التي تتم بين وقع صرير العجلات المزعج وأصوات مواتير السيارات وهي تشق طريقها وسط المضمار بسرعة هائلة فينتشرون في المكان ويباشرون عمليات البيع تحت غطاء كثيف من الغفلة والانشغال بأحداث التفحيط، وهي أحداث قد تكون مصنوعة ومحبوكة في كثير من مهرجانات التفحيط لتحقيق ما يرمي إليه مجرمو المخدرات والذين لا يهمهم تناثر أشلاء الضحايا ولا شلالات الدم ولا الكوارث الموجعة وهي النهايات الحتمية للتهور والجنون، ومقبرة التفحيط لا زالت شرهة لالتهام المزيد من الشباب في عمر الزهور ودفن ثروات الأمة في قرار أبدي، ولا زلنا وبأسف نقف أمام ما يحدث مكتوفي الأيدي ونكتفي بالمشاهدة بعيون راضية أو حائرة أو عيون ساخطة لا تقوى على شيء أكثر من المشاهدة ثم هز الرؤوس تعبيراً عن عدم الرضا.
في بدايات هذا الشهر الكريم توفي خمسة شباب في مقتبل أعمارهم وشيعوا على أنهم ضحايا التفحيط وقدموا أنفسهم قرابين للمشجعين، ولا زال في أفلام التفحيط أجزاء تنتظر العرض.
في عددها الصادر يوم الثلاثاء الماضي نشرت صحيفة عكاظ على صفحتها الأولى صورة تحت عنوان “صباح الموت” لشباب في مدينة بريدة بمنطقة القصيم يمارسون التفحيط في شارع رئيسي وسط متابعة جماهيرية كبيرة وبالتأكيد لن يفوت تجار المخدرات وغير الملتزمين أخلاقيا مثل هذه الفرصة فهي سوقهم الرابحة لأن هؤلاء يتمنون هذه الأجواء الصاخبة ليروجوا بضائعهم بحرية فالمرور والهيئة سينشغلون بالمفحطين هذا إن تواجدوا في مسرح الحدث بينما ينشط التجار وغير الملتزمين أخلاقياً في أداء أعمالهم تحت سقف عال من الحرية لأنهم وقتها سيكونون في هامش الاهتمام أو الجزء المعتم من الصورة ولن يراهم أحد إلا إذا تم التبليغ عنهم وهذا الافتراض قد يبدو مستبعدا لاعتبارات كثيرة.
وفي الوقت الذي يتحول فيه كرنفال التفحيط إلى بازار لترويج الحبوب المخدرة والحشيش تبدو الفرصة سانحة لاصطياد الشباب الصغار وتوظيفهم في أغراض سيئة وجرهم لأوكار مشبوهة.
أسئلة للجهات الأمنية، هل يترك هذا الثالوث يعبث بشبابنا وسط ممارسة جنون التفحيط؟ ومتى تبادر لمحاربته وبحرب شبيهة للحرب على الإرهاب؟ ثم متى تفرض عقوبات رادعة على المفحطين؟ ومن يقبض عليهم في هذه الأماكن لنحمي شبابنا من أخطار تحيط بهم من كل جانب؟
Shlash2010@hotmail.comتويتر @abdulrahman_15