لا شك أن وجود جمعيات المجتمع المدني في أي مجتمع يدل على رقيه وذلك بتفاعله معها بعيداً عن بيروقراطية المؤسسات الرسمية مهما اختلفت تخصصات تلك الجمعيات التي تصب في مصلحة المجتمع عموماً أو بعضاً منه، ويبرز الدور الحضاري هنا بحجم دعم المجتمع لتلك الجمعيات إما بالتطوع في العمل فيها أو تسهيل السبل لتأدية مهامها الاجتماعية بالدعم المادي.
ومن المؤسف أن يصبح بعض من تلك الجمعيات في بلادنا في مهب الريح لمجرد أنها تقدم مجالاً قد لا يتفق مع رغبات أو ميول هذا أو ذاك أو هذه الفئة أو تلك، ولنا في التجربة الثقافية المتمثلة في إقرار خمس جمعيات هي جمعية التشكيليين والفوتوغرافيين والخط العربي باستثناء المسرحيين لوجود اهتمام ولو قليل بهم في أنشطة أمانات المدن أبرزها (الرياض) ورغم ما تعنيه تلك الجمعيات من تنوع في المشارب وما وجدته من أبناء المجتمع من ميول واهتمام وممارسة إلا أن إقرار تلك الجمعيات من وزارة الثقافة والإعلام باعتبارها جمعية مجتمع مدني جاء نتيجة ثقة الوزارة التي تجاوزت الواقع الاجتماعي العام حيث غاب عن الوزارة أن الأولوية في مجتمعنا في جانب الدعم هي الجمعيات الخيرية، الصفة التي نعتز بها جميعاً لكنها لا تنطبق على ما تحتاجه وتفتقر إليه الجمعيات الثقافية وغيرها التي لا تحمل الصفة (الخيرية) مما يتطلب إعادة النظر ولمّ شمل تلك الجمعيات تحت جناح الوزارة وتخصيص ميزانيات تعينها على تأدية واجباتها وتحقق أهدافها.. مع أن في دعم تلك الجمعيات أجراً لا يقل عن سواه كونها خدمة اجتماعية أوصى بها الدين وتندرج ضمن القيم.
فكم من محاولة لبعض تلك الجمعيات باءت بالفشل وعادت بخفي حنين من كثير من المؤسسات التي تقدم اعتذارها مبتدئاً بعبارات المجاملة ومنتهياً بأن دعمها لا يتم أو (يصح) إلا للأعمال الخيرية.
هذه المواقف دفعت ببعض من ينتمي لإحدى تلك الجمعيات إلى اقتراح أن يُضاف إليها عبارة (خيرية) مثال ذلك (جمعية الفنانين أو المثقفين الخيرية) لعل وعسى أن يقبل أصحاب رؤوس الأموال ورؤساء مجالس الشركات والمؤسسات التجارية الذين منحوا حرية التجارة أن يتعاطفوا ويرحموا فئة من أبناء الوطن قدّر لهم أن يكونوا مبدعين.
monif.art@msn.com