حل خبر على مسمع أحدهم فذهب يحدث به كل من يقابله أو يجالسه أو يرسل لمن يبعد عنه وربما هاتفه،وآخر تسائل عن مصدره وبحث عن حقيقته ووقف على عبرته فصادف آخر وخاطبه عنها وأثرى وأثري فيها،وآخر هرول ليسمع قول من يثق به في مثل هذا الخبر كي يحسم موقفه صدقا أم تكذيبا،تأويلا وتحليلا سواء أوافق حاله أم لا أيستحق أو لا! وليس ببعيد عنهم من أخذته الثورة في نفسه ففرغ بفزع إلى أن يضع الكلام طبقا على طبق ليبث رأيه على عجل في كل أمر هين وجليل فيقود الجيوش أو يبلبلها ممن عطبت وسلمت عقلها ووحدت مصدرها لقداسته وقصرت بصيرتها على ثورات كلامية وضيعة ليس لها في الدين منطلق أو بغية مقصد ولا في اللغة تجدي في أبجدية أو بيان وبلاغة وليست من عين الحكمة في شيء!
يضج عالمنا مابين فينة وأخرى بكلمات يُحَدَّثْ بها هنا وهناك وما هي في حقيقتها إلا من عورات اللسان ولجاجة الهذيان وكمرأى السراب يدرك ماهيته عقل العقلاء ويلهث هاتفا خلفه بصر العطشى الجهلاء! وإن هذا الفعل ليخجل ونشره وانتشاره ليوجع ويصيب متن الأمة في مقتل ! رغم أن جلي البصر لو تأمل في واقع البشر ليعلم أن الأدمغة تعمل على غير السابق ولأيقن أن كثيرا من التلاميذ في زمننا هذا تفوقوا باطلاعهم على الأساتذة حيث بقي هؤلاء يستخدمون ذا الأساليب التليدة ويكررون بتذمر أو عجب طرقا قديمة كانت في وقت سابق تؤتي بنتيجة! وأما الآن فهي لا تغني ولا تذر فالمدارك اتسعت والمصادر تنوعت والدنيا صغرت وذات المرء وعت سواء كانت باحثة عن الحقيقة حتى وجدتها أو وصلت إليها بطريقة ما إلا أن بعضا ليس بالقليل من هؤلاء التلاميذ قد تتعثر أقدامهم في وحل من الغوغائية المثيرة المشوقة القريبة لأرواحهم المنطلقة وحري بها أن تقف لا أن توقف برأي أو أمر من أحدهم،وإني لأقف كثيرا أمام عظمة رحمة الخالق حين رفع درجات الستر والعطف والعفو والألفة والنسيان في الإنسان وإلا لأصاب قول الشافعي كثيرا من الأساتذة بجرم التبعية ونتائجها البعيدة فالكِبر والظلم وجهان لبعضهما:
تحكموا فاستطالوا في تحكمهم
وعما قليل كأن الأمر لم يكن
لو أنصَفوا أنصِفوا لكن بغوا فبغى
عليهم الدهر بالأحزان والمحن
خلاصة الحبر
الصدق عمود الدين وركن الأدب وأصل المروءة.. «مثل عربي»
hudaalfourih@gmail.com