في يوم السبت الموافق 19 رجب من عام 1433هـ انتقلت أنا والأسرة من منزلنا في حي الريان بالرياض إلى منزلنا الجديد في حي الحمراء الغربي الواقع شمال شرقي الرياض، وذلك بعد أن أمضينا عشرين عاماً في حي الريان، كانت من أجمل أيام الحياة وأكثرها نشاطاً وأغزرها إنتاجاً أدبياً، وأنساً بجيران كرام..
ولأن الصديق الأديب أحمد الدامغ قد سبقني في الانتقال من الريان، وعبر عن ذلك بأبيات نشرت في المجلة الثقافية التابعة لجريدة الجزيرة، العدد (358)، الصادر يوم الخميس (4-2-1433هـ)، وقال في مطلعها:
سَلاَمٌ على الريان ما جَلْجَلَ الرَّعْدُ
سلامٌ يفوق الوصف ليس له ندُّ
بنفسِيَ للريانِ عِشق مُبَرّحٌ
وَوُدٌّ بنَاهُ الدهرُ ليس له حَدٌ
وقد علق عليها الصديق إبراهيم التركي (أبو قصي) بأبيات منها:
سلامٌ على الريان ما رَبَّعَت نجْد
وما هتفت ورقاءُ مَعْ إِلْفِها تشدو
بنفسك للريان عِشق وألفة
فكيف يهون العشق، أو يفتر الوَجْدُ
.....إلخ.
ولأن أحد الصديقين ربط سلامه للريان بجلجلة الرعد، واستغربت من ربط التحية بالصواعق الرعدية، فالرعد يرمز للقوة والعنف والخوف، بينما ربط الثاني سلامه على الريان بربيع نجد، الذي يعز حدوثه في السنوات الأخيرة، فقد رأيت معارضتهما بالأبيات التالية متخذاً من رقة التحية واستدامتها وسيلة في التعبير عن مكانة الريان وأهله، فقلت:
بَكَيْنا على الرَّيَان إذ أوشك البُعْدُ
وحان الرحيلُ الْمُرُّ، واسترسَلَ الوجْدُ
رَحَلنا عن الحيِّ العزيزِ عَشِيَّةً
فراقٌ جرى ما مِنْ مقاديرِهِ بُدُّ
ولا ضَيْر أن أبكي ربوعاً أَلِفْتُهَا
وجيرانَ أنْسٍ عندهم يُحفَظُ العَهْدُ
أنِسْنا بهم عشرين عاماً كأنها
سويعاتُ صَفْوٍ، زانها الأنسُ والسَّعْدُ
سَلامٌ على الريان ما حَلَّ ذِكرُهُ
سَلامٌ شذاهُ المسكُ والفلُّ والوَرْدُ
سيبقى لذاك الحي عندي مكانةٌ
وتبقى له الذكرَى، ويبقى له الوُدُّ