المخفّة بلهجة عامة نجد هو الشخص خفيف العقل الذي يمكن إقناعه وخداعه بسهولة، وأقرب مثال ما نشر مؤخراً وتناقلته الصحافة الإلكترونية عن أن مدعياً للرقية قد خدع أكثر من أربعين امرأة حين ظهر بثياب الناسك المتدين المنقطع لأعمال البر والتقوى وبينها ما أسماها ظلماً وعدواناً (الرقية) التي اجتذب بها هؤلاء الغافلات، ولدي تحفظ على كلمة غافلات فقد اعترف بنفسه حين التحقيق معه من قبل الجهات المختصة أنه قد خدع النسوة وسافر إليهن في أماكن إقامتهن بعد تواصل وحديث مسبق وهن من زودنه بالعناوين وربما أن الاتصال بدأ منهن إليه وربما (مرة أخرى) إن كل واحدة تخبر إحدى معارفها وصديقاتها بما حدث لها مع الراقي فتقوم هذه بالدور ذاته وتكوين علاقة مريبة، تبدأ غالباً بكشف الوجه ثم الإقناع بالنفث في مواقع لا تكشف عادة كالنحر وهكذا، كما يقول المطلعون من الرواة، ومع هذا الواقع فلا يمكن أن نصفهن بالمخدوعات بل إنهن مخفّات، عقولهن وقلوبهن كالريش تطير به أقل نسمة هواء، ولكن في مثل هذه الحالات فإن عاصفة من اللؤم والخيانة للضمير والأمانة والدين قد اجتاحت الخادع والمخدوع، وأرجّح أنه ليس في الأمر مخدوع، بل خادع لنفسه مدنس لشرفه هادم لدينه راكض وراء غريزة تقوده إلى لذة محرمة مؤقتة ما إن تنتهي إلاّ ويشعر بالخذلان والخزي والعار، وحينذاك ليس أمام (المخفة) إلاّ الندم وتلمّس الأعذار والحيل لغسل ما يمكن طمسه من آثار الجريمة، ومن ذلك ادعاء الابتزاز أو السحر والشعوذة أو التعرض للتهديد رغم إن معطيات القصص المتتالية مع الراقي المجرم (وأمثاله) تفيد أن محادثات ولقاءات وسفر ولقاء ثمّ ولوغ في المعصية قد تم مع الجميع، والواقع يقول إن شريحة من المجتمع تكون ضحية لقناعاتها الضحلة وتوجهاتها الخاطئة في أمور كثيرة على رأسها العلاقات الاجتماعية والأوهام النفسية التي تقودهم إلى مستويات متدنية من التفكير لدرجة اللجوء إلى دجال ممارس للنصب والاحتيال باسم الرقية الشرعية (وليس كل راق محتال) وهي ما تحولت إلى تجارة ووسيلة إلى ترويج الرذيلة المستترة، وبعضهم اتخذها للدلالة على العوانس والمطلقات وزواج المسيار دون وازع من عقل أو ضمير، إذ إن المدلل يرى أن ما يقوم به شرعياً وأنه يحب الخير بجمع رأسين بالحلال وهو الذي يتزوج ويطلق منهن بالسنة عدة مرات وهذا معروف ومتواتر ولم يعد سراً، والأكثر إيلاماً إن (بعض) المبتليات -هداهن الله- حين تمضي علاقة مع رق (مزيف) أو بائع بالسوق أو من أصحاب الغزل والغرام وتوشك العلاقة على نهايتها تدّعي أنه يبتزها وهي التي تعترف أنها على علاقة محرمة معه منذ زمن وخلوة بالتراضي، فكيف يكون الابتزاز ومن الذي يبتز حقيقة في هذه الحالة؟.. الحذر كل الحذر من بعض من يعملون في المحلات الخاصة بالنساء و(شهبان) توصيل الطلبات من البقالات للمنازل، أما توصيل الوجبات من المطاعم فحدّث ولا تخجل فهم يختارون أشخاصاً بمواصفات معينة من حيث الشكل واحترافية الملاسنة للإيقاع بالضحايا والشواهد غير خافية.
t@alialkhuzaim