لفت نظري عبارة دقيقة وبليغة في قرار مجلس الوزراء الموقر الذي انعقد بتاريخ 11-9- 1433هـ في سياق ماتوصل إليه المجلس من قرارات، ومنها الموافقة على تنظيم هيئة الإذاعة والتلفزيون ؛ تقول العبارة المميزة «تهدف الهيئة إلى إيصال رسالة المملكة إلى جميع مناطقها وإلى أنحاء العالم بالكلمة والصورة باستخدام أحدث وسائل التقنية» انتهى . ولابد لنا من وقفة متأنية عند هذه المعاني التي تضمنها القرار، وهل تمكن الإعلام السعودي خلال نصف قرن من إنشاء وزارة مستقلة من النهوض بمسؤولية إيصال رسالة المملكة والدفاع عنها وإبانتها للناس باللغات الحية كافة عن طريق الإذاعة والتلفزيون والمراكز الإعلامية والحملات المنظمة المدروسة والوفود والزيارات والكتب والمنشورات والرسائل التي يمكن أن تصل إلى العالم في المناسبات الدولية بطرق إعلامية ذكية تبين وترسم حقيقة الدولة السعودية وماتؤمن به من قيم إنسانية سامية مستمدة من الإسلام، وماتهدف إليه من خيرية للبشرية جميعا وما تسعى إليه من تقارب وحوار مع الثقافات العالمية والديانات والحضارات ؛ إن أسى بالغا لايكاد يحتمل يجتاحنا ونحن نعترف بقصورنا جميعا في إيصال هذه الرسالة العظيمة للمتلقين في الداخل فمابالك للعالم كله بلغاته وثقافاته المختلفة ؟! لقد خسر الإعلام السعودي - وبعيدا عن تقارير المتابعة والاستماع المجاملة - ملايين من المتابعين في الداخل قبل الخارج بعد أن فتح الفضاء أبوابه عبر الستلايت للعقول وللخبرات العالمية ومنها العربية كي تتنافس وتتبارى عبر فضاء هذا الكون الفسيح ؛ فما عاد متلقي البث ملزما بقنواتنا ولا إذاعاتنا وأمامه خيرة الخبرات والمهارات لغة واحترافا وجدة خطاب، فكيف يمكن أن يركن إلى قنوات بلادنا الرتيبة الركيكة المتواضعة تقنية وإخراجا وأداء ومعلومات وسرعة في ملاحقة الأحداث وبين يديه خيارات هائلة يلمس بطرف إصبعه زراً صغيراً ليضعه أمام مايرغب ويشبع نهمه، وهنا يتكون الرأي وتتشكل القناعات التي قد تكون حسنة وقد تكون سلبية عن بلادنا ؛ بينما يقف الأداء الإعلامي السعودي غير قادر على الوصول إلى المتلقين إلا بنسبة يسيرة في الداخل وبنسبة شبه معدومة في الخارج لولا وجود الحرمين الشريفين وبث الصلوات منهما للمسلمين في العالم كله، وهي النسبة العظمى من المتابعين لنا، وهو شرف عظيم بكل تأكيد ؛ لكن فراغا آخر كبيرا إخباريا وتحليليا وكشفا لمكنونات الفكر والثقافة والتاريخ واأدب والرؤى المختلفة في مايجد من قضايا وأحداث لم يملأ في هذه القنوات إلا بنزر يسير ينتج باجتهاد شخصي من بعض المخلصين وبدون تقدير ولاحوافز مرضية!.
لقد ظلم الإعلام السعودي الدولة السعودية على مدى نصف قرن بقصوره وبضعفه وبعقم مبادراته وبسلبيته وبصمته عن قضايا الداخل وتأليب الخارج!.
وإن ترك ما يقال وما يفترى وما تتحدث به وسائل إعلام مختلفة في ندوات وصحف ومواقع دون إجلائها وتفنيد مايرد فيها بطرق غير مباشرة من باب استباق التقول والافتراء بتقديم الصورة الحقيقية للدولة السعودية قيما وأخلاقا وغايات نبيلة سامية بأداء مهني راق ومتميز لكفيل برد تلك الهجمات وإفشالها.
نحن في حالة حرب مشرعة على بلادنا؛ من الشرق ومن الغرب، ونواجهها بصمت وكأن بنا عِيٌ أو عجزٌ عن النطق إعلاميا، ووالله لدينا من الكفاءات والقدرات ماسينهض بهذه الأدوار الوطنية الشريفة التي تجلي رسالة الدولة السعودية وتطهرها من التقولات والتغولات والافتراءات، وتظهر نبل وسمو قيم بلادنا في زمن لم تترك تهمة من التهم الدنيئة إلا ابتلينا بها من: التكفير والتطرف والتخلف والبداوة وما ينجر وراء هذه الأقوال المنكرة من قوائم القذف والافتراء.
moh.alowain@gmail.com