كان النظام السوري ولا يزال يتعامل مع لبنان الدولة والشعب والناس كأحد ممتلكاته، يتصرف به كما يشاء، مثلما يفعل في سورية التي حوَّلها إلى (ضيعة) ينتفع بها من يرضى به، وتنحصر إيراداته في الحلقة العائلية الضيقة المرتبطة بالعائلة الحاكمة، في طيف طائفي نهب كل مصالح السوريين، وامتد النفوذ والنهب إلى لبنان الذي يعمل النظام السوري والمراتبطون به من سياسيين يتكسبون من مواقفهم السياسية، وأحزاب أصبحت واجهات كدكاكين لنظام بشار الأسد الآخذ بالتقلص حتى كاد يقتصر على آل الأسد، ولهذا فإن المرتبطين بالنظام أصبحوا يعملون من أجل عائلة الأسد دون اعتبار لمصلحة سوريا، فضلاً عن مصلحة لبنان الذي يريد من ربطوا مصلحتهم ومصلحة لبنان ببقاء الأسد الذي يتهاوى هو ونظامه بسرعة، ولهذا فإن زبانية الأسد من شخصيات وأحزاب يعملون على تدمير الدولة اللبنانية، وجعلها في وضع شبيه بما آلت إليه سورية. ولهذا أصبح لبنان يواجه مزيداً من حالة انعدام الأمن العام نتيجة لتغلغل فوضى الحرب في سوريا عبر الحدود، إلى الحد الذي توحي به عمليات الخطف المتكررة، والتوغل السوري المتكرر الذي يسفر عن مقتل مواطنين لبنانيين، وكذلك الاستخدام الواسع النطاق للأسلحة، بعملية إنهيار بطيء لمؤسسات الدولة.
وفي تقرير لوكالة إنتر برس تنقل الباحثة منى العلمي عن ضباط أمني رفيع المستوى استياءه من الوضع الأمني الحالي في البلاد بقوله: (الوضع الأمني هو بالتأكيد خارج نطاق السيطرة بسبب الخلاف بين الحكومة على نهج أمني موحد، هكذا صارت المؤسسات العامة والدولة تفقد مصداقيتها يوماً بعد يوم».
ويأتي التسلل المتكرر لقوات الأمن السورية داخل الأراضي اللبنانية التي ينقسم سكانها بين مؤيدين للجيش السوري الحر المعارض ومجتمعات محلية موالية لنظام الرئيس بشار الأسد العلوي، من دون أي إدانة من الحكومة اللبنانية، مما يعرض سيادة الدولة للخطر بشكل تدريجي.
كذلك فقد شنت القوات السورية عدداً من الغارات عبر الحدود إلى لبنان منذ اندلاع الثورة ضد نظام بشار الأسد في مارس 2011، مما أثار المخاوف بشأن خطر امتداد الصراع.
وهدف النظام السوري والذين يعملون لتنفيذ مخططاته في لبنان هو تحويله إلى دولة فاشلة حتى يتسنى لهم فرض أسلوبهم في إدارة مرافق وإدارات وأجهزة هذه الدولة كضيعة ملحقة بسورية، وبينما سورية هي الأخرى التي لا دولة فيها، والهدف من وراء ذلك تصدير أزمة نظام بشار الأسد إلى لبنان وإلى الدول المجاورة حتى تنفلت الأمور وتتداعى الأوضاع مما يصعب حل الأزمة ويتيح لمن يدعمون بشار الأسد طائفياً بناء واقع جديد يؤمِّن لهم كياناً طائفياً يخدم المركز الذي يمثلونه في لبنان وسورية معاً.
jaser@al-jazirah.com.sa