منذ ثلاثة أيام أعتكف من بعد (صلاة التراويح) على يد شقيقنا الزول (عبداللطيف محمد عثمان) لأخذ دروس اقتصادية لمعرفة كيف يمكن أن أصبح (مليونيراً) بأسرع الطرق وعبر فهم قيمة (العملة السودانية)، ولم أفلح بشكل تام فلا زالت بعض الأمور غير واضحة بالنسبة لي وأشعر بأنها (حصة رياضيات) مع كثرة توهان الأصفار؟!
حتماً ستصاب بالصداع إذا ما حاولت معرفة قيمة العملة السودانية الخالية من الدسم (الأصفار)، فمبلغ (1000جنية) لا يساوي ألف جنية كما تعتقد وكما هو مكتوب أمامك! فهو فعلياً يساوي مليون جنية؟! فكل عملة سودانية تحملها اضربها في (10) لتحصل على قيمتها الحقيقية فمثلاً الـ 100 تساوي 1000والـ 1000 يعادل 1000.000 مليون جنيه، لتدخل في دوامة لن تنتهي من الأصفار؟!
تخلص السودانيون منذ (ثلاث سنوات) تقريباً من أصفار عملتهم الجديدة، وطبعوها في ماليزيا بمميزات فريدة فهي تحتمل الغسيل واندلاق القهوة والشاي عليها لأنها مطبوعة بحماية (قطن خالص 100%)، والمفارقة العجيبة أن السودان طبع عملته في (ماليزيا) رغم أن لديه (10 مصممين سودانيين) عالميين دربتهم الأمم المتحدة لتصميم العملات وسك النقود، ويعد من الدول القلائل التي يوجد بها مطبعة عملات، فهو يطبع الآن (العملة الصومالية) ويعرض على جنوبه طباعة عملته بجودة أكبر وبتكلفة أقل من الخارج؟!
طمع الإنسان ليس له حدود فهو يعشق (كثرة الأصفار) في عملات ويتخلص منها في عملات أخرى عندما لا يكون لها تأثير على خارطة الاقتصاد العالمي وتثقل كاهل الإنسان البسيط بكثرتها، بينما الأخرى تحدث فرقاً شاسعاً (فالدولار الأمـــريـكي) مثلاً وابن عمه (اليورو) يعيثـان في المؤشـــرات فســـاداً والكـل يخطب ود كــل (صفر) يسبقهما، بينما جماعة (الين) يلتزمون الصمت بحثاً عن الاستقرار في (زمن الأصفار)..؟!
الاقتصاد هو القوة التي يجب أن تراهن عليها (الأجيال القادمة) فهو عصب الحياة ومكانة الدول اليوم تحددها قيمة سعر (صرف عملتها) أمام سالفي الذكر، وكذلك الحال بالنسبة للأفراد، فقيمتك في الحياة ومكانتك (عند البعض) لم تعد تحددها أخلاقك أو علمك أو مواقفك النبيلة، بل (عدد الأصفار) من يمنحك القوة اللازمة..!
فكرة (المليونيرية) ليست جديدة على العالم العربي فهناك عملات لبعض الدول العربية مثل لبنان وسوريا والعراق تحقق حلمك بأقل تكلفة، لأنها ما زالت تحمل (أصفاراً مخيفة)، فمعظم العراقيين مثلاً يصنفون (مليونيرية) بسبب (كثرة الأصفار) في الدينار الذي أجل مشروع حذف (3 أصفار) منه إلى مطلع العام 2014م لاختزال الكتلة النقدية وسهولة التعامل!
عملات أخرى لا يوجد بها أصفار وهي تحمل قيمة عالية إذا أردت معرفة تأثيرها على المجتمعات فانظر إلى (مسابقات رمضان) التليفزيونية، واحسب (عدد الأصفار) أمام (الجوائز الكبرى) لتعرف كيف يمكن أن تصبح (مليونيراً بلا أصفار)؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.netfj.sa@hotmail.com