كعادة العرب في تلقف التقنية، ومن ثم إساءة استخدامها، كما حصل مع بداية تأسيس المواقع الإلكترونية، ها هو « تويتر» يكشف لنا المستور، فقد سقطت نجوم كان الصمت يغطي سوءاتها، وبرزت نجوم لم يكن يعرفها أحد، حتى أصبح كثير من المشاهير مجالا خصبا للتندر، نتيجة لطرحهم السطحي، وتهافتهم على الأضواء بشكل يثير الشفقة، ولم يتورع بعضهم عن نشر تغريدات متناقضة، فأحدهم كان يغرد عن مساوئ الإبتعاث، ثم زار المبتعثين في عاصمة أوروبية، وغرد من هناك عارضا صورا له بالملابس الغربية !، وبعدها سأل متابعيه عن رأيهم في ذوقه، وآخر كان يملأ الفضاء ضجيجا ضد أحد المسيئين إلى الثوابت، مطالبا له بأقصى العقوبات، ثم بعد ذلك بأشهر، طالب المجتمع بالتسامح مع فتاة قيل إنها ارتدت عن الإسلام، فهل كان هذا كافيا لفضح سوءات مستخدمي «تويتر»، أم أن للحكاية بقية؟.
كان الناس يتساءلون عن صحة الأعداد الهائلة التي تتبع بعض المشاهير في تويتر، وهي أرقام فلكية، فأتباع أحدهم أكثر من عدد مستخدمي تويتر في كل العالم العربي!، وقد تساءل كثيرون عن السر في ذلك، ثم حصلت تسريبات تشير أن هناك شركات متخصصة تبيع «التابعين» على من يرغب وبأسعار زهيدة، وبعد أن تجاوز بعض المشاهير كثيرا في هذا الخصوص، قرر شاب سعودي اسمه عبدالرحمن الخراشي أن يثبت ظاهرة شراء « التابعين» من قبل بعض المشاهير حتى يقطع الشك باليقين، فماذا تراه فعل؟.
كان عدد المتابعين للسيد الخراشي- المشارك الفعال بتويتر منذ تسعة أشهر- لا يتجاوز ستمائة متابع، وقد كتب قائلا إنه اشترى عددا هائلا من البيض( والبيض هو كناية عن المتابعين الوهميين)، وبالفعل، لم يمضِ يوم واحد حتى ارتفع عدد متابعيه إلى ستين ألف، ثم إلى مائة ألف، وبعد خمسة أيام أصبح يتبعه أكثر من مائتي ألف!، ويؤكد أنه لن يتوقف إلا عند نصف مليون، وربما يواصل حتى يبلغ المليون وأكثر، فهو «محتسب- حسب وصفه لنفسه-، ولم يكتف بذلك، بل إنه أثبت - بالدليل القاطع المصور- أن بعض أتباعه الوهميين يتبعون بعض المشاهير من إعلاميين ووعاظ وشعراء وغيرهم، وهي فضيحة مجلجلة سيتحدث عنها المجتمع طويلا.
تجربة الخراشي كانت مثيرة لدرجة أن مستخدمي تويتر تناقلوها بشكل واسع، وتحدثت عنها بعض القنوات التلفزيونية، ونشرتها بعض المواقع الإلكترونية الشهيرة، كما وثقتها بعض الصحف السعودية والخليجية، وأهمية ذلك تنبع في تقديري من حالة السأم التي وصل لها المتابعون، ورغبتهم في فرز الغث من السمين فالحالة لم تعد تطاق، وفي الأخير، نؤكد أنه - ورغم أثبات التدليس بشكل قاطع- إلا أن هناك كثيرا من المغيبين الذين لن يتوانوا في الدفاع عن مشاهيرهم، ولكن هذا لا يهم، فالمهم هو إثبات «الحالة» للتاريخ.
فاصلة: «انظر إلى هذا الرجل: شعره حقيقي، ولكن رأسه مزيف»..ستيف ألين.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2