التنوع والاختلاف سمة كونية وسنة إلهية، لا خيار للإنسان فيها، هكذا أراد الله للبشر، اختلاف في ألوانهم ودياناتهم ومذاهبهم وثقافاتهم وجعلهم شعوبا وقبائل، ولذلك فالعيش بسلام خاصة بين المسلمين رغم الاختلاف في المذاهب، هو ما يجب أن يسعى له في هذا الوقت، وهو ما يعطي رسالة إيجابية عن الإسلام والمسلمين لغيرهم!
والتنوع والاختلاف سمة للإنسانية المتحضرة، والدول المتقدمة تحتضن العديد من القوميات والأديان، ولكنهم توصلوا بعد تجارب بعضها مرير، إلى أنه لا مجال للنزاع والكراهية واتفقوا على التعايش والاحترام المتبادل فهو السبيل نحو الاستقرار والحياة الكريمة للشعوب! فالصراعات غالبا ما تنتج عن النظرة البشرية الضيقة للأمور وهي توقف وتعيق البناء وتحقيق الرخاء والأمن، هناك بالتأكيد من يحاول أن يخرق سفينتنا محاولا استنساخ غوغائية بعض الشعوب، والنفخ في رماد الفتنة، ولذلك فإن مسؤولية الدولة والمجتمع التصدي لمن يحملون معاول الهدم ويعلنون دعوات الانفصال والولاء للأجنبي! وينبغي الوعي بأن التعميم من أكبر الأخطاء فلا يجب أن تؤخذ فئة بجريرة شخص ظلم نفسه وارتكب ما يوجب العقوبة والسجن، فالتعميم هنا يدخل في باب إثارة الفتنة وزرع بذور عدم الثقة بين أفراد الشعب الواحد، وهذا ما يمنح الفرصة لتندس من خلالها أنوف وأصابع أعداء الوطن! ولذلك فإن ما يطلقه البعض في مواقع الإنترنت أو غيرها يجب أن يخص دون أن يعم، فعلينا جميعا أن ندين ما فعله نمر النمر أو أي شخص يدعو للفتنة أو يعبر عن أوهام الانفصال، ويشجع على عصيان ولاة الأمر، ونشيد بجهد الدولة بمنعه من خرق سفينة الوطن، وعلينا أيضا أن ندين ما فعله أصحاب الفكر المنحرف والقاعديون وأي شخص مهما كانت مكانته أو مذهبه، حاول أن يزعزع أمننا ويشعل فتيل الكراهية والفرقة، وعلينا أن نحاسب الإنسان بما فعل، وألا تحاسب فئة جراء فعل شخص أو مجموعة أشخاص من أي طرف كان! فلا تزر وازرة وزر أخرى!
هناك غلاة ومتشددون في كل دين ومذهب، ولكن عندما يصل الأمر إلى تصريح بفعل أو دعوة لانفصال أو تزعم لإثارة فتنة فمن العقل أن يوقف ذلك الشخص، لأن تركه يعني خرق سفينة الوطن وبالتالي إغراقها بالصراعات! وهذا ما جعل وزارة الداخلية تأخذ قرارا حاسما بإيقاف نمر النمر، لم يحدث ذلك عندما كان يخطب في مسجده ويتحدث كما يتحدث الخطباء
المصلحون! وفي أعقاب ذلك لابد من تقدير دعوات إيجابية أطلقها بعض علماء القطيف للهدوء والحوار، بمعنى أنهم يرون الأمور ليس بحسب ما يراها المتشددون والمغرر بهم من إيران، علينا أن نحترم مثل أولئك العلماء والدعاة الوطنيين الذين يدعون لوحدة الوطن والمواطنين ونفسح المجال لصوتهم ليصل لكل الناس فهو صوت الدين وصوت الحكمة والعقل الذي نحن بحاجة إليه في مثل هذه الأوقات، وأن نعمل على أن نلغي من قاموس حواراتنا ونقاشاتنا ألفاظا قبيحة مثل الروافض أو النواصب أو غيرها، فالكل مواطن من حقه العيش بكرامة وحرية وعدالة على أرض وطنه، وليس لأحد أن يصادر حق أحد في ممارسة ما يريد مادامت ضمن حدود الدين والقوانين! وأن نحاول جاهدين أن نوقف بث القنوات الفضائية التي تدعو إلى الفرقة والكراهية، بعضها شيعي وهو الأغلب تدعمه إيران بهدف ظاهره ديني وباطني سياسي وقليل منها سني، ولنقتنع أن الاختلافات في فهم الدين قديمة جدا، ولكنها لا يجب أن تؤدي إلى الخلاف والتنابز بأقبح الصفات والتعاون على الإثم والعدوان، ولهذا فنحن بحاجة إلى تشكيل هيئة تشتمل على علماء ومواطنين غيورين على دينهم ووطنهم، لهدم حفر الفرقة وبناء جسور التواصل والحب
والاحترام بين السنة والشيعة، فكلنا مواطنون مسلمون، وعلينا أن نعيد فهم شعار المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه، وإذا كنا نريد أن نقطع على العدو خططه، فعلينا أن ندعو إلى تلك الحوارات وأن نتعامل مع الأشخاص الخارجين عن النظام بحسب ما يفعلون دون التعرض بالتعميم لغيرهم، والكف عن إحياء النعرات المذهبية التي لن تعود علينا وعلى الأجيال من بعدنا بخير!
alhoshanei@hotmail.com