الربيع العربي - رثاء طبيب الثورة- إبراهيم العثمان الذي داوى الجرحى دون خوف.
صحا الشبابُ فلا ضيمٌ ولا خَوَرُ
ولا لَيَالٍ ولا جَوْرٌ ولا ضَجَرُ
ولا فسادٌ يُظِلُّ الشامَ في غدِها
ولا الدَّعِيُّ ولا السَجَّانُ.. والأشِرُ
فيكمْ رأينا صموداً باتَ يُبهِرُنا
فالصَّبْرُ شِيمتُكمْ.. فيكمْ سنفتَخِرُ
ستونَ عاماً منَ الطُّغيانِ نَعْرِفُها
عصابةٌ ضَجَّ منها الجنُّ والبَشَرُ
لا رادعٌ منْ ضميرٍ.. لا ضميرَ لهم
فَالقَلْبُ عندهُمُ الصُّوّانُ والحَجَرُ
ستون عاماً فلا يأجُوجُ تُشْبهُمْ
ولا الشَّياطينُ ما عَاثُوا ومَا فَجَروا
تَسَلَّطُوا وأيَادي الشَّرِ تَدْعَمُهمْ
ما عاش في عهدهم نَبْتٌ ولا ثَمَرُ
وَذَلّلَوا الناسَ بالتَّعذيبِ يَقْهَرُهُمْ
بسُوءِ أخلاقِهِمْ.. بالغَدْرِ قَدْ ظَفِروا
أبْدَوا جَرَائمَهُمْ قَتْلاً بلا جَزَعٍ
فَلا احْتِجَاجٌ وَلا قَوْلٌ ولا خَبَرُ
وقطّعوا اللحمَ أوصالاً ومَا رَحِمُوا
طفلاً وكمْ منْ بُطُونِ الحَمْلِ قَدْ بَقَرُوا
سِجْنٌ كَبِيرٌ بلادَ الشامِ غَيَّبَهَا
جِدَارُ صَمْتٍ مع التَّضْليلِ إنْ نَشَروا
حُرِّيَّةٌ بفَمٍ تُتْلَى وَلَيسَ لََهَا
شَكْلٌ يُجَسِّمُهَا بلْ مَا لَهَا صُوَرُ
هَوَوا شِعَاراً بألفَاظٍ مُنَمّقَةٍ
وَفَرّغُوهُ وفي تَرْدَادِهِ سَكِرُوا
كَطَبْلِ غَوْغَاءَ تُلْهي الناسَ ضَجَّتُهُ
وبعدَ دَمْدَمَةٍ منْ صَوْتِهِ وَقِرُوا
طبيبَ ثورةِ شَعْبٍ هَبَّ يُنجِدُهُ
وَلِلشَّهامَةِ فيكَ المَنْشَأُ العَطِرُ
نَهَلْتَ منْ قَسَم روحَ الفِداءِ وَقَدْ
سَرى بنفسك نورُ الحَقِّ وَالأثَرُ
طبيبَ ثورَتِنَا يَا غَرْسَ أُمَّتِنَا
سَدَدْتَ ثَغْراً.. جِراحُ الشَّامِ تَنْهَمِرُ
عِصَابَةٌ ضَيّعَتْ للنّاسِ حَقَّهُمُ
وَاسْتَعْبَدَتْهُمْ بذلِّ البَغْيِ يَنْتَشِرُ
وَخَيّرَتْهُمْ بعَيْشِ الذُّلِّ دونَ أذىً
أوْ إنَّهُ الموتُ والتَّشريدُ والشَّرَرُ
رأيتَ قَوْمَكَ إبْرَاهيمُ في ألَمٍ
بهمْ جِراحُ وحوشٍ سَنَّهَا التَّتَرُ
يُقَتِّلُونَ فَلا نَاجٍ بشِرْعَتِهمْ
وَلِلْجَرِيْحِ عِقَابٌ مُرْهِقٌ قَذِرُ
بالوَخْزِ بالسَّوطِ والأقْدَامُ تَرْكُلُهُ
وَنَازِفُ الجُرْحِ بالتَّعذِيبِ يَنْهَمِرُ
يُقَهْقِهُونَ إذا مَا قَطَّعُوا جَسَداً
وَيَرْقُصُوْنَ على أنَّاتِ مَنْ قُهِروا
لذا مَدَدْتَ يَداً تَأْسُوا جِرَاحَهُمُ
وَتُنْقِذُ الرُّوحَ لِلإنسَانِ تَنْتَصِرُ
دَعَاكَ لِلْحَقِّ دَاعٍ فَائْتَزَرْتَ بهِ
وَخَيْرُ ثَوْبٍ إذا مَا الحَقُّ يُؤْتَزَرُ
وأنتَ تَعْلَمُ مَا خَطُّوا بشِرْعَتِهمْ
بأنَّ مَنْ يُسْعِفِ الجَرْحَى هُوَ الخَطِرُ
عِقَابُهُ القَتْلُ وَالتَّمْثِيْلُ في جَسَدٍ
بَتْرُ الأصَابعِ إفْقَادٌ لَهُ البَصَرُ
وَهَبْتَ نفسَكَ لِلرّحمنِ خَالِقِنَا
قَدْ خَطَّ أقْدَارَنَا وَالنَّاسُ تَنْتَظِرُ
وَمَنْ لَهُ أجَلٌ لَمْ تَأْتِ سَاعَتُهُ
لا موتَ يَقْرَبُهُ إذْ لَمْ يَحِنْ قَدَرُ
فتيانُ قَوْمي هُمُ الأبطالُ مَا وَهَنُوا
بَاعُوا النفوسَ إلى الرّحمنِ حِيْنَ شَرَوا
أضْحَوا حُمَاةً لأرضِ الشَّامِ مِنْ خَطَرٍ
وَأرْخَصُوا النفسَ كَيْمَا يَنْجَلي الخَطَرُ
تَضَافَروا ضِدَّ بَاغٍ مَا رَعَى وَطَناً
يَحْمُونَ أغْصَانَهُ كي يَسْلَمَ الزَّهَرُ
فَمِنْهُمُ مَنْ قَضَى نَحْبَاً لآخِرَةٍ
وَآخَرونَ جِهَاداً لَمْ يُفِدْ حَذَرُ
رَامُوا َالشَّهادَةَ والجناتُ مَطْلَبُهم
واللهُ يَخْتَارُ مَنْ وَفَّوا بمَا نَذَرُوا
هَذا مُرادُكَ إبراهيمُ فُزْتَ بهِ
جِوَارَ رَبٍّ هَنِيئَاً أيُّهَا القَمَر
بَابُ الشَّهادَةِ مَفْتُوحٌ لَنَا أبَداً
مَا دَامَ في بَلَدِي لِلْحَقِّ مُحْتَقِرُ
ألْهِمْ إلهي ذَوِي الشُّبَّانِ صَبْرَ هُدَىً
واجْعَلْ قُلُوبَهُمُ بالنُّورِ تَنْغَمِرُ
لَنَا الثَّوابِتُ في الإسلام نَحْضُنُهَا
مَحَلُهَا القَلْبُ لَنْ نَرضى لَهَا غِيَرُ
إنْ مَسَّهَا مُوْغِلٌ في الشَّرِ أيْقَظَهَا
بهِ تُشَبُّ اللّظَى نَسْفَاً وَتَسْتَعِرُ
أيَا رَبيْعَ النَّدى طّوِّفْ بشَامِ فِدَىً
زُهُوْرُ رَوْضَاتِهَا ألْوَانُهَا حُمُرُ