ربما لا دعاء يتردد اليوم بقدر ما يوجه من دعاء يرجو الله حماية أشقائنا في هذا لجزء من الوطن العربي أو ذاك من دموية ما يجري في مدنه كل يوم في معمعمة الصراعات على تغيير النظام الذي يرفض رفض الشعب لاستمراره.
بعد قرابة عامين من تقلقلات الربيع العربي، ما زالت الأمور غير متضحة حتَّى في تلك الأصقاع التي هدأت فيها البراكين، حيث لا يعلم إلا الله أي ثمر ستنتج التربة فيها. وما زالت المرحلة الانتقالية تُعدُّ الجموع بتحقق الأحلام ولكنها في تعدد وتفاوت تفاصيل هذه الأحلام لا تستطيع أن تضمن ما تعد.
لا شكَّ أن بعض الأحلام الفردية والفئوية كانت تحققت أو كانت قابلة للتحقق حتَّى قبل صخب الشوارع العربية. أما في العالم الإسلامي فإن نظرة مقارنة لمرئيات مواطني تركيا أو ماليزيا بالأمس، وما عليه اليوم، ستؤكد مدى التغيّر والتطوّر والبناء الذي بلا شك بعث الحياة في الحلم العام وحقق طموحات المواطن. ولعل من أسباب النجاح أن المعارضة أعطيت اعترافًا رسميًّا بوجودها جعل منها طاقة داعمة للبناء ومنع التشوه إلى ممارسة الهدم مستترة في الخفاء؛ بينما دول أخرى كإيران في الجانب الآخر مثلاً، لا زالت تشكم المعارضة وتتجاهل مطالباتها وتضطر إلى اللجوء إلى إجراءات تعسفية داخليًا، استفزازية خارجيًا، لتبقي الشعب منشغلاً بقضية حماية الانتماء عن قضية مصيرية البناء.
وهناك من يؤكدون أن أحلام الشعوب بإزالة المعاناة بكلِّ روافدها تصبح شبكة تصطاد بها القوى العالميّة ما تستغله وسيلة لخدمة مصالحها الخاصَّة.
ما (جهاز القياس) الذي يمكن من خلاله التعرف على حجم ما تم إنجازه من «الحلم العام» للعالم العربي والإسلامي؟!.
جهاز القياس هو حصيلة التوصل إلى الحقيقة في كلِّ دولة على حدة. وهو في منطلقه بسيط لا يتعدى إتاحة مجال الحوار الحي بما في ذلك حرية السؤال والإجابة والحماية لكل الآراء وإسماعها للآخرين. إن تسأل المواطن هل هو سعيد بما تحقق في الثلاثة عقود الأخيرة؟ وكيف يرى مستقبل أطفاله في وطنه؟ وعدًا أم مجازفة كبيرة؟ وهل يرغب الشباب من المتعلمين والطموحين في البقاء في ساحة الكفاح بحثًا عن وظيفة أم سينفرون بأحلامهم إلى الخارج؟ وهل النساء مقتنعات بأسلوب تعامل المجتمع والأسرة معهن؟ ومدى رضاهن عن إجراءات التعامل في شئونهن مع الأجهزة الرسمية من التَّعليم حتَّى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والعدل والقضاء؟ هل هن راضيات عن مدى توفر الفرص المتاحة لهن لتحقيق طموحاتهن. ولنسأل الجميع: هل تحركنا إلى الأمام أم إلى الوراء خلال الثلاثة عقود الماضية؟
إجابات المواطنين أن ضمنوا الحماية ممن يختلفون عنهم رأيًا ستدل على مدى ما أنجز سلبًا أم إيجابًا.
عندها فقط نفهم، عربًا ومسلمين، ماذا يجب أن نفعل ليتحقق حلم الدَّولة في النماء وحلم الأمة في البقاء، دون تناقض وتنافر ودون أن تسقط الأحلام المحليّة مطية لمصالح القوى العالميّة.