|
الجزيرة - ندى الربيعة:
يرى عددٌ من المختصين أنه ليس بالضرورة ربط مركز إيداع الأوراق المالية بشركة السوق المالية «تداول»، حيث إنه من الممكن فصلها وإسناد مهمتها لإحدى مؤسسات الوساطة المالية كما معمول به في الأسواق المالية العالميّة المتطوّرة.
وقال العضو المنتدب لشركة الجوهر للأوراق المالية خالد الجوهر: من الأفضل فصل مركز الإيداع عن «تداول» نظرًا لاختلاف طبيعة النشاطين، كما أن عنصري الأمان والدقة يتحققان بشكل أفضل عندما تكون الجهة التي تتولى الحفظ منفصلة عن الجهة التي تتولى تنفيذ الصفقات، على الرغم من قناعتنا بتحقق هذه العناصر لدى «تداول»، حيث يتم تنفيذ المهام لدى دائرتين منفصلتين وإن كانا ينضويان تحت مظلة شركة تداول.
ورجح الجوهر أن تكون عملية الفصل أنسب في السوق المالية السعوديَّة مرجعًا السبب في ذلك إلى التصدي لتقديم خدمة التداول في الشركات غير المدرجة، مضيفًا بأن هناك العديد من المستثمرين يرغبون في التخارج من الشركات المقفلة ولا يتمكنون من ذلك بسهولة نظرًا لعدم وجود جهة مركزية يتم فيها تناقل المساهمات خارج إطار السوق، ويعتمد المساهمون في مثل تلك الشركات على علاقاتهم الشخصيّة ومعارفهم في البيع والشراء، حتَّى إن عمليات المناقلة تتم وفق أسعار قد تقل أو تزيد عن السعر العادل وذلك لعدم وجود سعر استرشادي تم تنفيذ الصفقات عليه، ويرى الجوهر بأنه من الأنسب أن يتم تنفيذ هذه العمليات من خلال شركات الوساطة التي تملك الخبرة والإمكانات الفنية والإدارية لتنفيذ ذلك.
كما طالب الجوهر شركة تداول وكما معتاد منها في التصدي لمبادرات التطوير للسوق وللعمليات المرتبطة به أن تبادر بإنشاء مركز مستقل يتولى مهمة تسجيل وإيداع الأوراق المالية بمختلف أنواعها (أسهم مدرجة أو غير مدرجة) وتنظيم عمليات التداول المرتبطة به. على أن يتم تنفيذ ذلك من خلال الشركات المتخصصة استنادًا لأفضل الممارسات العالميّة في هذا المجال.
من جهته أوضح وليد بن غيث (مدير عام إدارة الأصول في شركة الجزيرة للأسواق المالية) أن التطوّر التَّقني المتوفر لدى السوق المالية (تداول) حد من أولوية الفصل القانوني لأجهزة السوق وبالتحديد فصل مركز الايداع، حيث إن نظام التسوية لدى تداول يقدم تسوية حينية (T+0) وهذا يحد من الفرق في الوقت المتاح لحدوث اختلافات، فالنظام يقوم بفحص توفر الأسهم المراد بيعها قبل طرحها في السوق وكذلك نظام شركة الوساطة يحجز قيمة الأسهم المشتراة قبل إدخال أمر الشراء إلى السوق وعند إدخال الأمر وتطابقه فإن الملكية تنتقل من حساب إلى آخر في حينه وعليه فإن درجة المخاطر تنخفض بشكل كبير جدًا.
وأشار ابن غيث إلى أن النموذج المعمول به في الأسواق المالية الأكثر تطوَّرًا هو الفصل التام لمركز الإيداع بصفة الاعتبارية والقانونية ولكن لارتباط عمل المركز بالسوق فإن مركز الإيداع غالبًا ما بقي لصيقًا للسوق وأنظمته، إضافة إلى أن نظام سوق المال لا يمنع فصل مركز الإيداع، واستبعد ابن غيث أن يكون ذلك في خطط تطوير السوق المستقبلية ولكن حسب الأولوية والأهمية.
وأضاف بأن فصل مركز الأيداع لا يُعدُّ تطوَّرًا مهمًا بالنسبة للمتعاملين في السوق اليوم لكن سوف يتغيّر ذلك مع زيادة تنوع الأدوات المتوفرة في السوق وتطوّر تركيبة المتعاملين في السوق من أفراد إلى مؤسسات، فخدمات مركز الإيداع تشمل جميع الأدوات المالية والأدوات غير المتداولة، وأعتقد أن هذه الخدمات سوف يتم تقديمها مستقبلاً وقد يلعب فصل مركز الإيداع عن السوق دورًا في تسريع تقديم هذه الخدمات.
وبالرجوع للمادة (26 - أ) من نظام السوق المالية التي تنص على أن (ينشئ مجلس إدارة السوق إدارة تسمى «مركز إيداع الأوراق المالية» تكون هي الجهة الوحيدة في المملكة المصرح لها بمزاولة عمليات إيداع الأوراق المالية السعوديَّة المتداولة في السوق ونقلها وتسويتها ومقاصتها وتسجيل ملكيتها) وعلى ذلك فقد أوضح المستشار القانوني إبراهيم الناصري طبيعة عمل مركز الإيداع كونه يختص بتسجيل مُلكية الأوراق المالية المتداولة في السوق وإجراء أي تغيير أو قيود على هذه الملكية. فهي تقوم بذلك مقام كتابة العدل بالنسبة لتسجيل ملكية العقارات، بل إنه يوفر لمالكي الأسهم قوة حماية أكبر مما توفره سجلات كتابة العدل بالنسبة للعقارات، حيث تنص المادَّة (27 - ب) من النظام على أن القيود المدوَّنة في السجلات النهائية للمركز تكون دليلاً وإثباتًا قاطعًا على ملكية الأوراق المالية المبيّنة فيها والأعباء والحقوق المتعلقة بها). وقبل إنشاء هيئة السوق المالية كانت شركة تسجيل الأسهم هي الجهة التي تزاول هذه المهام، ثمَّ نُقلت وظيفتها إلى مركز الإيداع في (تداول) بعد صدور نظام السوق المالية.
ورأى الناصري بأنه من المفترض المبادرة بفصل مركز الإيداع عن (تداول) في وقت مُبكر، لاسيما وقد وفر نظام السوق المالية السند النظامي لذلك، حيث ورد في المادَّة (26 - أ) النص الآتي: (... ويمكن لمجلس إدارة السوق أن يحول مركز إيداع الأوراق المالية إلى شركة، بعد أخذ موافقة مجلس الهيئة على التحويل. وللمجلس أن يعطي موافقته موضحًا بها متطلبات هيكل الشركة وعملياتها، وفقًا لما يراه مناسبًا وضروريًّا لسلامة السوق وحماية المستثمرين) وبالحديث عن أهمية الفصل أوضح الناصري بأن أهمية فصل مركز الإيداع عن (تداول) تكمن في أن سجلات الملكية يُفترض أن تُدار بمنأى عن عمليات البيع والشراء، من أجل تحقيق الاستقلالية وتوفير الثقة في تلك السجلات، مما ينعكس على تعزيز الثقة بالسوق المالية بصورة عامة، وهذا الاستقلال هو ما يتماشى مع الممارسات العالميّة في الأسواق المتطوّرة.
يذكر أن مجلس هيئة السوق المالية قد أصدر قرارًا بالموافقة على كل من قواعد مركز الإيداع وقائمة المصطلحات المستخدمة والواردة في قواعد السوق وذلك بتاريخ 29 - 4 - 2012.