مئة وثلاث وثلاثون دولة مقابل ثلاث عشرة دولة، كانت نتيجة التصويت على القرار العربي الذي قدمته المملكة العربية السعودية باسم الدول العربية، لإدانة الجرائم التي تقوم بها الحكومة السورية ضد الشعب السوري على مدى سبعة عشر شهراً.

والقرار الذي حظي بهذه الأغلبية الساحقة، يظهر توافقاً للأسرة الدولية في مواجهة جرائم نظام بشار الأسد، ويوجِّه رسالة امتعاض ورفض لما تقوم به روسيا والصين في عرقلة الإرادة الدولية، وإدامة الشلل الذي أصاب مجلس الأمن الدولي وجعله عاجزاً عن القيام بدوره في وقف القتل، باستغلال موسكو وبكين لأدوات الحرب الباردة.

النتيجة الكبيرة للتصويت، هي انتصار كبير للشعب السوري وللعرب ولجميع الشرفاء، ويُعبِّر عن إرادة المجتمع الدولي الذي جسَّد بهذا التصويت الكبير عن رفضه لما تقوم به الحكومة السورية، والمحاولات التي تقوم بها بعض الأنظمة التي في مجملها دكتاتورية وشمولية، في عرقلة الإرادة الدولية.

والنتيجة تؤكد أيضاً أن الأسرة الدولية ليست بغافلة عن معاناة الشعب السوري، وأيضاً ليست غائبة عن الأعمال التي يقوم بها نفرٌ قليل من الدول لا تتعدى الثلاث في عرقلة التحرك الدولي الهادف لوقف القتل في سورية. فقد أظهرت نتيجة التصويت أن ثلاث عشرة دولة صوتت ضد القرار، وهي في مجموعها دول دكتاتورية مرفوضة حتى من شعوبها، مثلما هو حال نظام الملالي في طهران المرفوض من الشعوب الإيرانية، إضافة إلى روسيا والصين ومعهما كوبا وفنزويلا ونيكارجوا وكوريا الشمالية، وجميعها أنظمة منبوذة منتمية إلى منظومة الشر التي لا تريد أن تتحقق سابقة دولية تسمح للمجتمع الدولي التدخل لإنقاذ الشعوب التي تعاني من ظلم حكامها وأنظمتها الشمولية، كما هو الحال في تلك الدول.

القرار الدولي رغم كل ما قيل بأنه غير ملزم لأنه لا يفرض على الدول تنفيذ بنوده، ولا يستند على بنود الأمم المتحدة في ميثاقها الذي يجيز استعمال القوة لتنفيذ ما يتخذ من قرارات كما في مجلس الأمن الدولي، إلا أن القرار يشكِّل تحولاً أخلاقياً وسياسياً وأدبياً لا بد وأنه سيسبب ضغطاً للنظام السوري الذي أدانه المجتمع الدولي، وأيضاً يعري الأنظمة التي تدعم هذا النظام وتشارك في الجرائم التي ارتكبها ويواصل ارتكابها ضد الشعب السوري، كما أن نتيجة التصويت تظهر عزلة هذا النظام وعزلة روسيا والصين بالذات اللتين وإن استغلتا امتلاكهما «حق النقض» لإفشال الإرادة الدولية، إلا أن أغلبية الدول وجهت لهما توبيخاً لسلوكهما هذا المسلك المشين.