زبدة هذا المقال إن أردت أن تكتفي منه بالسطر الأول هو استحالة تحقق أي نجاح لأي مؤسسة أو حتى لأي حضارة إنسانية إن هي لم تضع احترام كرامة إنسانها وقيمته على رأس أولوياتها. في أي منشأة (بل في أي أمة) إذا رأيت أن آدمية الإنسان مهملة وحقوقه مهدرة واحتياجاته الأساسية متجاهلة فاقرأ على هذه الأمة الفاتحة. كل الذين زاروا الدول المتقدمة والمؤسسات العظيمة لم يتملكهم الإعجاب بداية بمستوى التكنولوجيا لديهم، بل باحترامهم لقيمة الإنسان وحفظهم لكرامته التي تأتي دائما في المقام الأول لدى تلك الأمم. وزاد إعجابهم عندما رأوا الجميع يقفون بالمسطرة وعلى قدم المساواة (equal foot) أمام القانون. لكن السؤال الذي يجب إثارته الآن هو: كيف نعرف أن للإنسان قيمة وكرامة في أي مؤسسة أو عند أي أمة؟. الأمر في غاية البساطة، أنظر فقط في التفاصيل التالية عندما تزور أي مؤسسة أو أي أمة (بافتراض أنك لست من النوع الذي يسهل خداعه بالكلمات المعلبة والمنمقة):1- عجز أي مؤسسة أو أي إنسان (كائنا من كان) أن يحرمك حق أو يمنحك إياه إلا بنص قانون يهابه الجميع، 2- توفر ممرات ومواقف خاصة بذوي الحاجات الخاصة ووجود القانون الذي يفرض احترامها، 3- مدى احترام الناس لأماكن عبور المشاة،4- توفر أماكن عامة لائقة إنسانيا يجد فيها الفرد ترفيها وقضاء لحاجاته الإنسانية، 5- حصول كل فرد على تعليم عالي الجودة (وليس تعليم أي كلام)، 6- وجود أماكن إرشاد واستعلامات قريبة منك تنقذك عندما تشعر بالضياع.
أستاذ المناهج بجامعة الملك سعود