سبستيانفيشر
أراد المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية ميت رومني أن يقدم أوراق اعتماد سياسته الخارجية من خلال جولة إلى أوروبا. وبدلا من ذلك فالرجل ظل يرتكب خطأ وراء آخر.
ولم تكن عناوين وسائل الإعلام على النحو الذي يريده. أراد رومني أن يستهل جولته الأوروبية بضربة قوية وهي مقابلة رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ديفيدكاميرون وحضور حفل افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية التي انطلقت في لندن يوم الجمعة الماضي، وكذلك عدد من الأحداث المهمة لجمع التبرعات لحملته. وكان الهدف المفترض هو إظهار صورة المرشح الجمهوري من أفضل جوانبها. لسوء الحظ لم يمض وقت طويل حتى صنع رومني نوعا من عناوين الصحف كان بالتأكيد يتمنى تجنبها وأثار سحابة سوداء في سماء رحلته.
بدأت الأخطاء بأحد مستشاري رومني الذي لم تتحدد هويته والحديث عن العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى. فقد قال مستشار رومني لصحيفة (تيليجراف) اليومية البريطانية «نحن جزء من التراث الأنجلو ساكسوني ورومني يشعر بأن العلاقة الخاصة هي خاصة .. البيت الأبيض لا يحمل التقدير الكافي لتاريخنا المشترك».
ربما كان من الممكن عدم التوقف عند هذا التصريح ومعالجته بصورة مناسبة لكن صحيفة (تيليجراف) فصلته أمام قرائها. فقد كتبت الصحيفة أن هذا التصريح «ربما يثير اتهامات بالحساسية العنصرية» في ضوء أن والد أوباما ليس من أصل أوروبي مثل كل رؤساء أمريكا السابقين وإنما كان زنجيا من أصل كيني. ولذلك جاء رد نائب الرئيس الأمريكي الحالي جوزيف بايدن قويا عندما وصف هذا التصريح بأنه «مزعج» وأنه يعكس فلسفة الحملة الانتخابية للرئيس الجمهوري. أما ديفيد أكسلورد مستشار أوباما فقال: إن الحديث عن التراث المشترك «عدواني بصورة مذهلة».
فماذا عن ميت رومني نفسه؟ لقد بذل المرشح الجمهوري قصاري جهده لكي ينأى بنفسه عن هذه التصريحات وقال: إنه لا يعرف من هو صاحب هذه التصريحات واتهم بايدن بأنه رد على تصريحات من شخص لم تحدد هويته في «صحيفة أجنبية». ولم تكن هذه الأزمة سوى البداية أو المشهيات قبل أن تبدأ الوجبة الحقيقية. فبعد وصوله إلى لندن بقليل أجرى رومني مقابلة تلفزيونية حصرية مع بريان وليامز من شبكة إن.بي.سي الأمريكية تم خلالها الحديث عن الكثير من الموضوعات من حادث إطلاق النار في كولورادو (يقول رومني إن أمريكا ليست في حاجة إلى قانون جديد لضبط تجارة وحمل الأسلحة الصغيرة) إلى حصان زوجته رافالكا الذي يشارك في دورة الألعاب الأوليمبية حيث قال رومني: إنه لن يشاهد مشاركة الحصان في الأوليمبياد.
وسأله وليامز السؤال الذي أصبح محور أزمة جديدة عما إذا كان يرى أن لندن استعدت جيدا لاستضافة دورة الألعاب الأوليمبية. كان يمكن لرومني أن يقول: إنه لأمر رائع أن يكون في هذه المدينة العظيمة المليئة بهؤلاء الناس الرائعين وذات التاريخ الثري. ولكن رومني قال «هناك عدة أمور مزعجة، الأمر يتعلق مثلا بأن شركة الأمن الخاصة المسئولة عن الدورة ليس لديها الأعداد الكافية من رجال الأمن وكذلك الإضراب المفترض لرجال الجوازات والهجرة في بريطانيا وهي بالتأكيد أمور غير مشجعة».
وكما لو أن هذه التصريحات ليست كافية لإثارة غضب مضيفيه البريطانيين فقال عنهم «هل جاءوا معا واحتفلوا باللحظة الأوليمبية؟ هذه اللحظة بالنسبة لنا لا تكون سوى مجرد بداية اللعبة».
ولم تكن مفاجأة أن تنطلق الصحافة البريطانية للتعليق والرد على هذه التصريحات. وكذلك فعل قادة بريطانيا. ففي الاحتفال الذي أقيم في حديقة هايد بارك الشهيرة بانتهاء رحلة الشعلة الأوليمبية قال عمدة المدينة بوريس جونسون أمام الحشد الذي حضر الاحتفال «هناك شخص يدعى ميت رومني يريد أن يعرف إذا كنا مستعدين أم لا».
أما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون فقال موبخا رومني «نحن نقيم دورة الألعاب الأوليمبية في واحدة من أكثر مدن العالم ازدحاما وانشغالا ونشاطا .. بالطبع سيكون من الأسهل إذا استضيفت الألعاب الأوليمبية في مدينة لا يسكنها أحد».
للأسف الشديد فإن رومني فعل الشيء الذي اعتاده الأمريكيون منه وهو التراجع سريعا عن مواقفه وتصريحاته. فقد قال في تصريحات صحفية تالية إنه «من المستحيل أن يقع أي خطأ» في دورة الألعاب الأوليمبية بلندن. وأضاف أنه بمجرد أن تبدأ المنافسات فإن الأداء الاستثنائي للأبطال وعزمهم وإصرارهم سيغطي علىكل شيء».
ولم يتوقف رومني عن تغذية وسائل الإعلام بالعناوين المثيرة. فقد كان ذلك اليوم مليئا بالمقابلات ومنها مقابلة مع زعيم حزب العمال المعارض إيد ميلباند الذي وصفه رومني بكلمة «السيد القائد» Mr. leader.
ثم قال في مؤتمر صحفي «أستطيع أن أقول فقط: إنني أقدر بالفعل الرؤى والأفكار التي لدى قادة الحكومة والمعارضة ورئيس جهاز إم 16 (جهاز المخابرات البريطاني) عندما ناقشنا معا قضية سوريا والأمل في تحقيق مستقبل سلمي لهذه البلاد».
وقد كان يفترض أن يظل لقاء رومني مع رئيس جهاز المخابرات البريطاني سير جون ساوريس سريا. وقد كان هذا على الأقل هو ما تم الاتفاق عليه قبل اللقاء.
- (ديرشبيجل) الألمانية