عندما ننظر لموضوعي الزكاة والوقف ونتدبر الحكمة منهما نشعر بالمهمة الرئيسة والحقيقية لهما وكم لهذا الدين من قيمة عظيمة، وبعد نظر إستراتيجي، وعندما تنظر للزكاة باعتبارها حقًا معلومًا للسائل والمحروم في إطار التكامل والتكافل الإسلامي، سنعرف معنى وأهمية ودور الزكاة الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في مجتمعاتنا، في المقابل لو نظرنا للمجتمعات الغربية سنجد الجمعيات الخيريّة والإنسانيّة والوقف الخيري يقومان بأدوار مهمة داخل هذه البلدان، لا بل فإن أغلب الجامعات العريقة لها أوقاف خاصة بها.
والزكاة عبادة أوجبتها الشريعة الإسلامية وركن من أركان الإسلام لتؤخذ من أموال الأغنياء بنسب محددة وتعطى لفقراء المسلمين الذين حدد الله أصنافهم في كتابه الكريم، حيث قال الله تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.
وعلى الرغم من أن الزكاة تطهير للأنفس والأموال إلا أنها إنعاش ومباركة للمال، كما أنها رسالة إنسانيّة تكافلية، فلا يمكن أن يحدث استقرار في مجتمع فيه طبقات متفاوتة ومتصارعة، ولو فكر الأغنياء في اقتطاع نسبه للفقراء من أموالهم لشاع الأمن والاستقرار في جميع المجتمعات.
كما أن الزكاة تسهم في تحريك الأموال وانتقالها وتدويرها بين الناس وتسهم في زيادة الطلب على المنتجات، وهذا ما يشكل عاملاً مهمًا في سرعة تصريف هذه المنتجات الصناعية والاستهلاكية وتحريك الأسواق ومعالجة الركود الاقتصادي وزيادة الاستثمار في الاقتصاد بدلاً من تراكم الثروات بأيدي فئة قليلة من الأفراد، وهذا ما سوف يحقِّق عدالة اجتماعية ويساعد على تدني الجريمة والمشكلات الاجتماعية، لأنَّ أكثر هذه المشكلات بسبب الفقر والحاجة، ولأن منع الزكاة يؤدي إلى خلق مشكلات اقتصادية واجتماعية مثل السرقة والتسوّل والجريمة.
ومن نعم الله علينا أننا بلد يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويطبِّق الشريعة الإسلامية، والزكاة والوقف جزء رئيس من صلب بناء اقتصاد هذا الوطن، وأن تطويرهما سيكون بمثابة أداة مؤثِّرة على مكافحة البطالة والفقر، وصيانة الأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وتعظيم روابط العلاقات والتواصل الإنساني وإشاعة الأمان بين الناس، ولهذا فإن للزكاة مردودًا عظيمًا لا يتوافر للعديد من المجتمعات والدول الأخرى.
لذا يجب علينا جميعًا أن نحرص على أداء الزكاة لأنّها أداة فاعلة في تطهير الأموال، وتوزيع الثروات والدخل على جميع طبقات المجتمع، وتقلل الفوارق بين الطبقات الغنية والفقيرة، وتسهم في تحريك عجلة الحياة الاقتصادية وإرساء العدل والمساواة في المجتمعات، وإشاعة الأخلاقيات والقيم الكريمة، وتُعدُّ من أفضل الطرق التي تحوّل المجتمع من مجتمع خامل إلى مجتمع عامل ومنتج اقتصاديًّا وخالٍ من البطالة والفقر، وهذا هو أهم أهداف الاقتصاد الإسلامي، لقول الله سبحانه وتعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}.
Ahmed9674@hotmail.comمستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية