كان ذاك موعداً جميلاً صافحت فيها المنطقة الشرقية، وما أجمل ما استقبلتني به، غيوم لونها الغروب بحمرته حيث وصلت قبيل نداء الإفطار بلحظات، وبحر هادئ تستجدي الأرض نسائمه، وطيور أعشاشها مرايا الماء، ثم أجواء رمضانية بادية في حركة السير والفوانيس المعلقة في الشوارع، والمطاعم التي تستعد لاستقبال الزوار بأنواع من المأكولات والحلوى والسمبوسة، والخيم الرمضانية، سمة هذه البلاد في الشهر الفضيل والتي هي صورة من صور التكافل في المجتمع، في هذه الأجواء الرمضانية الروحانية أيضاً كان السحور الخيري الذي أقامته الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بالشرقية « بناء» للنساء بحضور صاحبة السمو الملكي حرم أمير المنطقة الشرقية جواهر بنت نايف بن عبدالعزيز.. زوجة قائد البناء في الشرقية محمد بن فهد وابنة أبي الأيتام نايف وأم تركي بن محمد رئيس مجلس إدارة الجمعية التي خطت خطوات رائعة منذ تأسيسها بكفالة الأيتام بالمنطقة والسباقة للخير والبذل. أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا.. هذا هو الحديث الشهير عن رسول الله، ففي تلك الليلة تدافعت الكثيرات من أهل الخير ونساء مملكتنا الغالية لتقديم المستطاع تلبية للأمر الإلهي بكفالة هذه الفئة ثم اقتداء بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولن أنسى أبدا ليلة حضر فيها الحب ومثلت صورة من صور التكافل في مجتمع المملكة والبذل والعطاء، في مناسبة أكدت فيها المرأة السعودية انتمائها لبلدها وإخلاصها وإصرارها أن تواكب ركب العطاء وتقدم لذوي الحاجة في سبيل العناية بهذه الفئة ودعم الجمعية التي تقوم بما يعود على أبنائها اليتامى بالخير، والتي تسهم في رفع المستوى المعيشي لهم وتعوضهم عن الاحتياجات النفسية والأسرية والمادية فتحية لكل النساء صاحبات الأيادي البيضاء اللاتي التقيتهن ومنهن منيرة المانع والعميم وهيا العتيق التي أسهمت في تحويل القاعات لجنة خضراء وأشرفت على الصغيرة والكبيرة بما يبهج القلب. المرأة أيضاً كانت المشاركة في التنظيم وتدريب البنات اليتيمات على تأدية فقرات الحفل فتحية لنورة الخليفة وشهرات الفيصل ومن ساندهن من الزملاء علي الأسمري وأحمد الزهراني. ساحة عطاء وهذا مسمى الجمع الكريم كان مساحة للبذل وبرهان تكافل وتكاتف ولا زلت أذكر كلمات الأمين العام للجمعية د. صالح الدوسري عن أهمية العمل الخيري في المنطقة الذي يقوده أميرها محمد بن فهد. وقد أشار الدوسري لتلالإتقاقيات التي وأبرمتها الجمعية مع مؤسسات حكومية وأهلية انطلاقاً من الرؤية المشتركة التي تجمع بين القطاعات الحكومية والأهلية نحو خدمة المجتمع وعمق الإحساس بأهمية المسؤولية الاجتماعية المشتركة بينها ودورها الفعال في التنمية الوطنية. ليلة عطاء كانت تلك.. ليلة قدمت فيها المرأة السعودية ما استطاعت، وشاركها الرجل عبر اتصالات هاتفية في القاعة ثم لبت مناطق المملكة هذا التعاضد عبر المتبرعين من أنحائها.
من آخر البحر
وحدها تقضم تفاحة القلب
وتنبت في براري النرجس البريّ
وحدها معلقة كبدر على شرفة الروح
تلوح من عليائها
وتأذن بمواسم الحياة وتتابع الليل والنهار
كظبية تقفز فوق جداولي تسابق الأنسام
فتستفيق الأماني كلما علا صهيلها
ويستفيق قرنفل الحقل والنعناع
mysoonabubaker@yahoo.com