تخالف الناس إلا في محبته
كأنما بينهم في وده رحم
بعد رحيل صاحب السمو الملكي الأمير نايف وزير الداخلية رجل الأمن والأمان إلى دار النعيم المقيم الذي وقف حياته ووقته خدمة لدينه ووطنه ومليكه - تغمده الله بواسع رحمته - لم يطل الشعب السعودي في التفكير فيمن سيخلفه ويسدُّ مكانه؛ لتوقعهم الجازم أن صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز هو الذي سيملأ الفراغ من بعده ويحمل راية الأمان بكل أمانة وإخلاص، فإذا بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - متعه الله بالصحة والسعادة - يختاره وزيراً للداخلية، ولا غرابة في ذلك لما يتمتع به من حنكة وأناة وطول باع في مجال السياسة الحكيمة، والمعرفة بأحوال الناس ومكانة الكثير منهم على اختلاف طبقاتهم ومكانتهم العلمية والاجتماعية ومن كانت هذه صفته أحبه الشعب وعلت منزلته في قلوبهم فهو محبوب لدى الجميع.
كأنك من كل النفوس مركب
فأنت إلى كل الأنام حبيب
ولقد ولد في مدينة الرياض عام 1361هـ ونشأ بها، وأنهى تعليمه العام بمعهد العاصمة النموذجي، وكان في طليعة زملائه متفوقاً، محباً لمزاولة النشاط الثقافي والرياضي، كثيراً ما يثني عليه مدير المعهد الشيخ عثمان بن ناصر الصالح -رحمه الله - في مجال التحصيل العلمي والأدبي حينما يعلو منبر النادي متحدثاً، ولقد كان لذاك الصرح العالي بالغ الأثر في تهيئته وسلامة منطقه حينما يقف في المحافل مرتجلاً ومتحدثاً ثبت الجنان، وفي عام 1388هـ أكمل دراسته الجامعية بجامعة (ريد لاند) بولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية ليحوز على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية بتفوق مع مرتبة الشرف، كما منح شهادة الدكتوراه في العلوم الإنسانية عام 1420هـ / 1999م، وبعد عودة سموه عين نائباً لأمير منطقة مكة المكرمة الأمير فواز بن عبد العزيز إبان عهد الملك فيصل - رحمهم الله ـ حتى عام 1395هـ ، وقد عرف عنه الحزم والإخلاص أثناء سير العمل بمكة المكرمة، وعدم التساهل مع المقصر، وقد جمع بين الهيبة ولين العريكة والعطف على الضعفاء واحترام الصغير قبل الكبير، فاستمر على هذه السجية التي طبعه المولى عليها، ثم عين نائباً لوزير الداخلية منذ عام 1395هـ في عهد الملك خالد - رحمه الله - وقد ظل عطاؤه المبارك بالوزارة أكثر من خمس وثلاثين عاماً، ولا زال مستمراً بحمد الله وتوفيقه حيث تربع وزيراً للداخلية في 28-7-1433هـ مقروناً ذلك بتهنئتي القلبية لسموه الكريم، راجياً له دوام التوفيق وحياة سعيدة حافلة بالنشاط والسعادة وبالعمر المديد في طاعة الله وعونه، ولقد وقف عمره كله خدمة لدينه ولأبناء وطنه مبكراً، وساعداً قوياً لأخيه الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - فكل أعماله الجليلة تتصف بالإنجاز والمرونة والإنصات للمراجعين في حل ما قد يحدث لهم من معوقات وخلافها، ولي مع سمو الأمير المحبوب (أبو عبد العزيز) ذكريات جميلة منها أثناء تشريفه ورعايته حفل جائزة الأمير الراحل خالد بن أحمد السديري - رحمه الله - بمدينة نجران عام 1412هـ وبصحبته في الحافلة الخاصة أثناء جولته التفقدية لمدن وأرياف منطقة نجران، بعد انتهاء حفل الجائزة ولمدة يومين تقريباً، وقد عز عليه - حفظه الله - على الرغم من أعماله الكثيرة أن يغادر المنطقة ولم يقم بجولة تفقدية للمصالح الحكومية، ولسماع مطالب المواطنين في تطوير بلدانهم وتسهيل أمورهم.. وقد فعل ذلك، حيث احتفت كل مدينة وقرية بمقدمه احتفاء رائعاً بتشريفهم، والشكر موصولاً لأسرة السدارى حيث وجه أمير المنطقة الأستاذ الفاضل الأمير فهد بن خالد السديري الدعوات لنخبة من الأدباء من مدينة الرياض وغيرها من المدن لحضور حفل الجائزة السنوية - آنذاك - منهم على سبيل المثال الشيخ عثمان بن ناصر الصالح والشيخ عبد الله بن خميس - رحمهم الله - وعدد كبير من الأدباء و رجالات التعليم، وكان حضورهم على متون (بنات الجو الطائرات)، وقد بالغوا في إكرامهم وفي طليعتهم راعي الحفل صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز الذي قل أن تجود الأيام بمثله خلقاً وحنكة وتواضعاً، ولقد أجاد الشاعر محمد بن حازم حيث يقول:
وما أكسب المحامد طالبوها
بمثل البشر والوجه الطليق
وبهذه المناسبة السعيدة والثقة الملكية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - باختياره وزيرا للداخلية أكرر التهنئة لسموه سائلا الله - عز وجل - له دوام التوفيق والسداد.
- حريملاء - فاكس 015260802