حتى الآن لم يُفهم بعد إصرار المعارضين السوريين في الخارج على البقاء متشرذمين ومختلفين.
أصدقاء الشعب السوري من الدول العربية والدولية حاولوا جمع شتات المعارضة السورية سواء في الداخل أو الخارج، وأمكن وبالكاد ضم أطياف المعارضة السورية في كيان واحد هو المجلس الوطني السوري الذي حصل على ما يشبه الاعتراف الدولي، حيث اعتبرته بعض الدول والمنظمات الدولية ممثلاً للشعب السوري، وهكذا عاملته جامعة الدول العربية التي حاولت تطوير إدائه، كما حاول أصدقاء الشعب السوري إعطاءه أهمية ووضعاً اعتبارياً، ودُعي قادته إلى اجتماعات ومؤتمرات أصدقاء الشعب السوري الثلاثاء، كما أن الدول الكبرى حاولت دفع المجلس إلى الارتقاء بعمله وتشكيل حكومة مؤقتة تمهيداً لتسلم المسؤوليات السياسية والميدانية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.
ظل المحيط الإقليمي والدولي، ينتظر أن تحسم المعارضة السورية موقفها وتنتقل إلى مرحلة متقدمة تتواكب مع أفعال الجيش السوري الحر، إلا أن الجميع فوجئ بالإعلان عن تشكيل تنظيم جديد يحمل اسم (أمناء الثورة السورية) الذي أعلنه المعارض السوري المحامي هيثم المالح والذي انسحب من المجلس الوطني السوري قبل أشهر. هيثم المالح الذي يحظى بتأييد نسبة لا بأس بها من الناشطين السياسيين سارع إلى الإعلان بأن المنظمة السورية الجديدة «أمناء الثورة» كلفته بتشكيل حكومة مؤقتة ممبعثة من المجلس المكون من خمس عشرة شخصية سياسية اعتبارية لها ثقلها في المجتمع السوري وجميعهم غير منتمين للأحزاب، وهم خليط من المعارضة في الداخل والخارج. وسوف يمارس المجلس عمله في القاهرة، وقد عُرف عنه بالإضافة إلى هيثم المالح، السيد محمود السيد الدغين ونواف البشير من دير الزور وأيمن هاروش، وأنه سوف يفتح فروعاً له في العراق والأردن ولبنان، وأنه يتهيأ للدخول إلى سوريا فور تحريرها.
هذا التحرك الذي لم يحظَ برضا المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري الذي يرى في تحرك هيثم المالح إضعافاً للمعارضة السورية، وأن السعي إلى تشكيل حكومة مؤقتة سابق لأوانه.
أما الجيش السوري الحر فاعتبر ما جرى أمراً لا يعنيه، فهو وإن وضع معايير لما يجب عليه أن يكون تشكيل الحكومة السورية الثورية المؤقتة وأعضائها، إلا أنه الآن مشغول في التصدي للهجمات المضادة التي تقوم بها كتائب الأسد، وأن يكرس كل وقته وجهده لكسب معركة حلب التي ستكون فاتحة تحرير سورية.
المراقبون يعتبرون مسارعة هيثم المالح طرح نفسه رئيساً للحكومة المؤقتة والخلافات لا تزال مستمرة بين أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري صراعاً بين شخصيات المعارضة وبعض التنظيمات الحزبية والسياسية والعرقية، وأن هذا الصراع سيضعف المعارضة السورية سياسياً. ويتمنى أصدقاء الشعب السوري أن لا يؤثر هذا على العمليات العسكرية التي يخوضها الجيش السوري الحر لتحرير سورية.
jaser@al-jazirah.com.sa